[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

الفساد أنواع ودرجات تحدد بناء على نوعية التأثير السلبي الذي يحدثه كل نوع ولهذا يأتي فساد المواد على قمة هرم الفساد لأنه يجمع بين مختلف أنواع التأثيرات السلبية التي تشمل مجموعة مماراسات فساد مالي، إداري، فني وبيئي يحول التطوير وبالرغم من الأموال الطائلة التي تصرف عليه إلى معاناة مختلفة أكثر مما كان قبل صرف تلك الأموال وبغرض التحسين.
جميع المشاريع تعتمد على المواد التي يتم بها الإنشاء والتشغيل فتجد أن الميزانية توضع على أساس صور وردية يتم بها تخيل المشروع وتكتب مواصفات المواد بأسلوب شيطاني يسمح باستخدام أقل المواد جودة وبأغلى سعر فيتحول المشروع من هدف التحسين إلى التخريب والمعاناة مع تكاليف صيانة مستمرة والجميع يراقب ويتابع مستندات وإجراءات بيروقراطية فقط ولا يوجد من يتأكد من النوعية. عندما تسأل يجيبك المقاول بأن هذه المواد الموصفة من قبل الاستشاري والاستشاري يتعذر بأن هذا ما طلب منه من قبل الإدارة الهندسية لتلك الجهة الحكومية التي عندما تزور المهندس المسؤول عن المواد فيها تجد نفسك أمام خبرة من العصور الوسطى لا تبحث عن جديد أو مفيد وكل مشروع توضع مواصفاته من على الرف الجاهز منذ عقود دون تغير حتى لا يتغير معها ذلك المورد القدير ليس بجودة الخامات التي يقدمها ولكن بالدولارات التي يوفرها على حساب تدني الجودة التي يعاني منها الوطن.
سوف أضرب مثالاً على هذا بأنابيب البنية التحتية سواء لتغذية المياه، الصرف الصحي أو تصريف مياه الأمطار والسيول، قد تشاهدون تلك الأنابيب الضخمة التي تنتشر هذه الأيام في الشوارع التي فيها مشاريع بنية تحتية فتجدها من خامة PVC أو GRP وما شابهها مما عفا عليه الزمن، أوزانها ثقيلة وتحتاج لمعدات ضخمة، تتطلب قفل الشوارع لتركيبها بسبب المعدات التي تستطيع تحريكها وسوف يكسر خط الأنابيب مع أو تحرك تربة يحدث بعد التركيب وبالذات في أرض مشربة بالمياه فيتم التسريب الذي يضر البنية التحتية والفوقية، كل هذه العيوب وأسعارها جنونية ولذلك يقال إن خط مياه التحلية من الشعيبة لجدة يفقد نسبة كبيرة منه لهذه الأسباب.
في المقابل توجد أنابيب نحن من يصنع موادها الخام (البولي إثلين) البيتروكيمائية، خفيف الوزن، عالي الجودة، منخفض السعر، سهل التركيب، مقاوم لحركة التربة والتفاعلات الطبيعية، نصدره للعالم ليستغله في تلك الأنابيب ونُحرم نحن منه بسبب الفساد الممنهج بين مسؤولي المشاريع، المقاول والمورد بمساعدة الاستشاري غير الحريص، وتظل المسؤولية رقابية لأنها تركز على نظام المستندات دون النظر للمواصفات وما هو متوفر وأفضل أو منتهي الصلاحية وأخطر، يحدث هذا في مختلف المشاريع بصرف النظر عن ضخامة مبالغها المالية والرقابة شاهد مشفشي حاجة ولن يشوف بنفس النظارة.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *