فرصة لترشيد الاستهلاك
مصطفى محمد كتوعة
قال تقرير نشر قبل ايام ان حجم اجمالي القروض الاستهلاكية في المملكة قفز الى اعلى مستوياته ليبلغ اكثر من 344 مليار ريال بنهاية الربع الاول من العام الجاري، بنسبة 6% طبقاً للنشرة الفصلية لمؤسسة النقد العربي السعودي، وكان نصيب التعليم والصحة منها نسبة ضئيلة جداً، وهذه مفارقات تعكس طبيعة الاستهلاك.
هذه القروض اذا اضيف اليها نسبة الاستهلاك من الدخل العادي للاسرة خلال العام فان الارقام تؤكد اننا مجتمع استهلاكي بشكل كبير سواء ما يتعلق ببعض الاساسيات او بالاشياء غير الضرورية، وهكذا الكثير منا لا يعرف حدود الاستهلاك الذي اصبح ادماناً، وتكفي ذلك نظرة سريعة على الاسواق في كافة مجالاتها.
إن هذه العادات الاستهلاكية مؤشر لما يحدث في شهر الصوم وهو على الابواب من زيادة اكثر بكثير من الانفاق، فهل نستعد بالمال الكثير لشهر رمضان، أم يكون استقباله وقضاء ايامه ولياليه في حدود معاني الصوم الذي يجب ان يكون له من اسمه وفوائده النصيب الأوفر في عدم الاسراف الذي لا معنى له ولا طائل منه إلا البذخ في كميات كبيرة من الاطعمة، والفائض منها معظمه لا يذهب الى الجمعيات الخيرية الا من بعض الفنادق وقاعات المناسبات ومصيرها مع النفايات المنزلية، وفي هذا هدر للنعمة للاسف بضمير مستريح، رغم امكانية الشراء والاستهلاك على قدر الحاجة في مطابخنا المنزلية والولائم التي تبدو فيها المظاهر اكثر من الاعتدال، وهذا ليس من شكر النعم.
عادتنا الصحيحة ان مائدة الافطار مع اذان المغرب هي تمرات مع قهوتنا العربية المحببة وماء وسوائل دافئة وألبان وعصيرات، وحتى وجبة السحور، لا تحتاج الى كل هذا الخزين لأصنف الاغذيثة في منازلنا والثلاجات تبريد وتجميد لا تستريح الا بتكديسها، والنتيجة تلف اغذية متنوعة بكميات كبيرة، وهذه هي احدى سلبيات الحياة العصرية التي باتت عنوانا للاسراف والبذخ منذ بداية الشهر الكريم وحتى ايام العيد الذي تحتاج ايضا الى ميزانية اخرى للمناسبة السعيدة على الجميع ان شاء الله.
ان الاسراف منبوذ في الاسلامن فنجد من الآيات الكريمة والاحاديث النبوية الشريفة ما ينهي عن هذا السلوك وعاقبته، قال تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسد فتقعد ملوماً محسوراً) وقال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه (ولا تزل قما عبد يوم القيامة حتى يسأل: عن عمره فيم افناه؟ وعن علمه فيم فعل؟ وعن ماله من اين اكتسبه؟ وفيم انفقه؟).
ان عادات الاسرة في الاسراف هي الخطأ الاول في تنشئة الابناء على ذلك حيث الاقتداء، وكما قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده ابوه
إنها الغفلة بوضع النعمة في غير موضعها كشراء الدخان والتباهي بالموضة عند النساء والاستجابة لاغراءات السوق والدعاية وغير ذلك من عادات اسراف حتى لا يوصف الانسان بالبخل، فينفق امواله كيفما كان بينما الاعتدال وما أنفقه الانسان في خير يكسبه عند الله اجراً ويرفع له اليه منزلة، ويكسب عند العقلاء حمداً فهو جود وليس تبذير وان كثر شهر الصوم فرصة للتصحيح واصلاح النفس، وهو شهر الخير والجود فلا نحرم انفسنا من الباقيات الصالحات اللهم بلغنا رمضان على خير وقوي عزائمنا على اغتنام فضائله واجر صيامه.
للتواصل/ 6930973
التصنيف: