غزوة بدر مواقف بطولية
محمد بن حامد الجحدلي
في تاريخ السيرة النبوية العطرة الكثير من المواقف البطولية والأحداث الإسلامية الهامة ، فقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، يباغت خصومه ببعض الفنون الحربية والقتالية في أرض المعركة ، والتي لم تكن معروفة لدى العرب من قبل ، ولعل من النماذج التكتيكية ما قام به صلى الله عليه وسلم في يوم غزوة بَدْرٍ ، والتي يقف لها التاريخ الإسلامي شاهدا لذلك الانتصار العظيم ، إعجابا بالبراعة العسكرية التي تميز بها قائد الأمة الإسلامية ، فمن أهم النظريات التي وجدت تفاعلا إيجابيا من أفراد القوة العسكرية الإسلامية ، التي تُوِّجت بدوافع إيمانية خالصة لله سبحانه وتعالى ، واستجابة منقطعة النظير وطاعة لدعوته صلى الله عليه وسلم ، لإعلاء دعوة الحق والثبات عليها ببذل الأرواح الطاهرة ، للذود عن حقيقة الإسلام وسماحة أخلاقه ، وقوة تماسك مجتمعه لطبيعة تلك المرحلة البارزة ، وبالروح المعنوية التي أظهرها جنوده ، على أرض المعركة وأدت لزعزعة أركان العدو بعدده وعتاده متجاوزة موازين القوى ، بالرغم من بساطتها بالمعايير العسكرية في ذلك الزمن .
بعد أن تمكنت القيادة بحكمة بالغة وشجاعة متناهية من أضعاف نفسية العدو وتضاؤل دوره وانهيار معنوياته ، في الوقت التي استخدمت القوة الإسلامية بقيادته صلى الله عليه وسلم ، أسلوب الدفاع والمباغتة وتعزيز الخطوط الخلفية ، بحراسة على مستوى عال من المهارة القتالية ، حماية لغرفة العمليات القريبة من أرض المعركة ” العريش ” الذي يتواجد فيه القائد الأعلى لتلك القوة الإسلامية ، وهذا ما قصده صلى الله عليه وسلم ، حفاظا على سلامة جنوده من الاندفاع في ظل قوة العدو العارمة ، وهذا الانتصار الذي تحقق في غزوة بدر بتوفيق الله ، لهذا اعتبرت هذه الغزوة أعظم انتصارا لها في تاريخ المعارك الإسلامية كلها ، ففي أجندة الخطط العسكرية ، ما يمكن الاستفادة منها من الدروس الحربية ، التي توفرت فيها عوامل النصر باستثمار القيادة للظروف التي أتيحت في ذلك اليوم في تاريخ الأمة الإسلامية ، وحطَّمت كبرياء العدو وقُتل كبار قادته وخيرة أبنائه وشبابه ، بتلك الهزيمة الساحقة التي مُني بها ، فما لبث أن جمع شتات أفراد جيشه ، ممن قُدِّر له أن يبقى على قيد الحياة ، لإعلان التعبئة العامة للأخذ بالثأر والرغبة في الانتقام .
التصنيف: