[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

قام المؤلف والطبيب أحمد الحملي بكتابة قصة وسيناريو لمسلسل يتحدث عن تاريخ اليمن في الفترة من بداية الستينات حتى مطلع السبعينات. وفي المسلسل تفصيلات كثيرة عن مرحلة هامة في تاريخ الجزيرة العربية ككل، وتدخل فيها بشكل رئيسي مصر.وبشكل عام فإن التاريخ لليمن يتقاطع دائما مع التاريخ للمنطقة. ولأنني لست هنا بصدد الحديث عن مشروع مسلسل لن تصبح له فعالية الا اذا تم اخراجه وانتاجه وهو شرط لايبدو ممكن التحقيق في التاريخ القريب بسبب أنه من ذلك النوع من المسلسلات التي تحتاج الى امكانيات مالية وفنية وادارية كبيرة كي يكون منافسا في سوق العمل الفني الذي تركز فيه الأموال على الجاهز الغربي او حتى التركي والجنوب امريكي بدلا من الانتاج المحلي.
لكني فقط اشير الى المسلسل بسبب عدد من بيوت الشعر التي كان يتم ترديدها فيه بين الحين والآخر كزوامل أو نشيد شعبي معروف في القبائل اليمنية، كوسيلة مختصرة لاعلان موقف وتبيان حالة.سألت الدكتور الحملي كيف استطاع ان يجمع كل هذا الكم من ابيات الشعر الشعبي \”الزامل\” التي مثلت روح ذلك الوقت وعبرت عن ردود الافعال الجمهورية أو الملكية في فترة صراع دامت لما يزيد عن سبع سنوات عجاف.
قال لي إن كثيراً من هذه الأبيات سمعها بنفسه أو نقلها له بعض الحفاظ من الشعراء الشعبيين، واستشهد باستمرارية وبقاء مثل هذا النوع من الشعر بأبيات شعرية للشاعرة غزال المقدشية التي عاشت في أواخر القرن الثامن عشر ميلادي ولا يزال شعرها محفوظا في ذاكرة الناس ويرددونه بين كل حين ومناسبة ذات علاقة.
غزال والمواطنة المتساوية:
عادت بي الذاكرة الى غزال المقدشية التي هي من مواليد المرتفعات الوسطى في اليمن والتي لم تسكت على ظلم وكانت في شعرها تكشف الفاسدين والذين يقومون بالجباية للدولة بطريقة التخمينات الظالمة حتي يصل الأمر بهم الى مراودة بعض النساء عن أنفسهم فجعلت شعرها طريقا لكشفهم والتشهير بهم وصاروا في التاريخ اليمني مثلا. لكن الشاعرة غزال كانت ذات رؤية فلسفية أبعد فقط من الشكوى والرفض والمقاومة الى التذكير بحقوق الانسان التي منحها رب السماء قبل ان تنشأ حركة حقوق الإنسان في أي مكان. ففي شعرها مطالبة بمساواة البشر مستندة الى الدين الاسلامي وعدله وسماحته قبل كل شيء.ومن شعرها بيت شهير يتردد كثيرا تقول فيه: (سواء سواء ياعباد الله متساوية، لا أحد ولد حر والثاني ولد جارية) وهذا الشعر يقال في زمن كانت العبودية في العالم لا تزال سارية. ومع ذلك فالشاعرة اليمنية الشعبية ترى ان الناس يولدون متساوين ليس منهم حر لأنه ذكر أو ابن لعائلة أحرار والآخر يولد جارية لأنه امرأة أو لأنه ابن لأسرة تم استعبادها.
وهكذا يكون الشعر سجل تاريخ ويكون ذاكرة شعب.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *