[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

العيد هذا العام مختلف. كثير من الناس بسبب الانفلونزا الوبائية حاولوا ان يتجنبوا اماكن الزحام وأن يكتفوا بمصافحة الاصدقاء والاقارب بدلا عن الاحضان والتقبيل ولم ينجحوا كثيرا. الخوف بدأ يتسرب الى كل بيت خاصة مع تغير الطقس في معظم الاراضي اليمنية في اليومين الأخيرين قبل العيد.
ولأنني واحدة من الموسوسين الذين يعملون في حياتهم على أساس أن الوقاية خير من العلاج، فقد كانت الزيارات وخاصة مع غير الأهل في أقل حدودها الممكنة. وكان الهاتف والرسائل القصيرة الوسيلة الرئيسة للتواصل مع الأحبة والأصدقاء وتبادل التهاني والتبريكات ومعرفة الاخبار والاطمئنان على الأحوال. ولهذا تمكنت من الاستمتاع بإجازة عيد هادئة أنا وأفراد اسرتي، استطعت فيها القراءة والاستغراق في ممارسة هوايتي المفضلة في صحبة الكتب.
وكان أشقائي واطفالهم يخرجون الى الحدائق والمتنزهات، مع كمامات على الوجه يرتدونها كلما لحظوا زحاما عليهم أن يعبروه. ولشيء ما له علاقة بالوعي والشعور بأهميته، كان الاطفال يسيرون بخيلاء مع كماماتهم وكأنهم يعرضون أمام الآخرين فهمهم للخطر وقدرتهم على تجاوزه، أو كأن كماماتهم أقنعة تجميل في حفلة تنكرية لعلية القوم.
وكانوا يمدون أيديهم مصافحين لمن يرغب في الاقتراب لتقبيلهم وينبهونم أنهم سيكتفون بالمصافحة، فقد كان هذا الوباء هو خبر كل بيت مع كل إعلان تصدره وزارة الصحة عن مصاب جديد.
وكما جرت العادة فإن النساء من أفراد عائلتنا يتجمعن في منزل والدتي ليتبادلن التحية والسلام ويتناولن الكعك والمكسرات ويشربن القهوة والعصائر والشاي ويتأملن في ملابس الشابات منهن المسايرة للموضة وقد تتحمس بعضهن فيشاركن بالرقص الصنعائي واللحجي والحضرمي والخليجي والمصري والهندي. خلطة عجيبة من الرقصات هي السائدة هذه الأيام بين الفتيات بعضها نتاج المواقع الغنائية في الفضائيات وبعضها انعكاس للأفلام السينمائية الاستعراضية وخاصة الهندية منها.
عيد الوطن طعمه آخر:
ككل يوم كنت أمر على بريدي الالكتروني وارد على التهاني واتواصل مع الاشخاص الذين يعيشون في بلدان ليس لها علاقة بعيدنا أو افراحنا ولهم أهتماماتهم التي يرغبون أن أتفاعل معها.
وفي المساء كنا نستخدم تكنولوجيا الكمبيوتر والانترنت لنتحدث مجانا بالصوت والصورة مع أبناء أختي الذين يعيشون في كندا. وقد قال طفل العاشرة أنه يحسدنا لأننا نقضي العيد في الوطن ونحصل من أقاربنا على \”العوادة\”، وهي نقود اعتاد أهل اليمن أن يمنحها الكبار من افراد العائلة للنساء غير العاملات وللأطفال من الأقارب والجيران.
قلنا له أن والده يمنحه كثيراً من النقود في العيد تزيد عن مصروفه المعتاد، قال ولو كان الأمر كذلك إلا أن العوادة من الجميع لها طعم آخر. وعيد الفطر في المنطقة التي يعيشون فيها ليس له من يحتفل معهم سواهم.
كل عام وأنتم سالمين غانمين تجمعكم على الخير كلمة واحدة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *