[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]هناء حجازي [/COLOR][/ALIGN]

لا أريد أن أكتب عن الحرب ، لا أريد أن أكتب عن الحرب، لا أريد أن أكتب عن الحرب
بمعنى أوضح، لا أفهم الحرب، لا أفهمها، لم استطع يوما أن أفهمها
كبرت على كلمات ومعان عن القوة والكرامة والمقاومة ونحن العرب أمة عظيمة، كانت تلهبني تلك الكلمات، وأنا صغيرة، كنت أظنها مفتاح فهم الأشياء، كنت أظنها الأساس الذي ينبغي أن يبنى عليه كل شيء، وكنت أظنها الكلمة السحرية التي تشرح وتوضح كل شيء.
كبرت، وأصبح لدي طفل، وأرى الحرب، أرى دموع الأطفال ،صراخهم، خوفهم، عذابهم، يا إلهي هذا الشلل الذي يصيبني، الخوف الذي يعجزني والألم ، الألم الذي تصوره الكاميرا على وجوه أطفال اخترقت الشظايا أجسادهم الصغيرة، كيف يمكن بعد ذلك أن افهم الحرب
كيف يصبح لكلمات من نوع، كرامة، مقاومة، خنوع، استسلام، عرب، أرض، انتماء، حرية، وكل المعاني الكبيرة، كل الكلمات الكبيرة معنى؟ ، ماذا يساوي أي شيء، أريد أن أفهم، مالذي يدور في بال الأمهات، والجوع يعصر أمعاء أبنائهن، لا ، أنا لا أعرف، لم أجرب، لكني أعرف أن الأبناء مجبنة مبخلة، أعرف، أن قرارات كثيرة جدا في حياتي كانت ستتغير لو لم يكن لدي إبن، أعرف أني لن أتحمل نقطة دم واحدة تنزل من ابني لقاء كل الكلمات الكبيرة التي كتبت في الشعر العربي على مدى ستين عاما
أعرف أنني جبانة، لأنني أم، ربما هناك أمهات يرين أن الكلمات أهم من دموع أبنائهن ومن الألم الذي تغرسه القوى الغاشمة والهمجية في لحم أطفالهن، ربما يقبضن بألم على قلوبهن ويتحملن ما ينتابهن، من أجل الكرامة والحرية، لكني كأم، أعرف أني لا اصدق، ولا أريد أن أصدق، أن الحرب هي السبيل الوحيد للشعور بالكرامة، لا أصدق أن الحرب هي الوسيلة الوحيدة للحرية، يا إلهي، لمن سأطالب بالحرية إذا كان ابني سيموت
ربما كان كلامي غبيا، لكني لا أفهم الحرب، ولا أريد أن أفهمها، ولن أصرخ باسم الكرامة والحرية والمقاومة، سأصرخ باسم الأطفال الذين يموتون بالقصف.. باسم جروحهم النازفة والرعب الذي يطال أرواحهم كل يوم.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *