عندما يكون ميراثك درهما

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]يوسف اليوسف [/COLOR][/ALIGN]

الذي وزع الأرزاق بعلمه وعدله وجعلها تجري بمشيئته.. فيُرزق المرء ما قُدر له من رزق شاء أم لم يشأ وما لم يقدر له فلن يصل إليه مهما احتال أو سعى.. وسبحان الله فالأرزاق كثيرة رزق في المال ورزق في العلم ورزق في الولد ورزق في الزرع.. ورزق في الضرع.. ورزق في العمر.. الخ من الأرزاق التي تكفل وأنعم بها المولى عز وجل.. ولكن صبرنا وصدرنا يضيق في كثير من الأحيان ـ إلا من رحم.
فيحكى أنه جاءت امرأة أرملة حزينة إلى نبي الله داوود عليه السلام وقالت: يا نبي الله هل ربك ظالم أم عادل ؟ فقال داود: ويحك يا امرأة هو سبحانه العدل الذي لا يجور ولا يظلم، ثم سألها ما قصتك فقالت إني أرملة وعندي ثلاث بنات يتامى أقوم عليهن وتربيتهن من غزل يدي، فلما كان يوم أمس جهزت غزلي في خرقة حمراء وأردت أن أذهب إلى السوق لأبيعه وأشتري طعام وحاجات أطفالي.. فإذا أنا بطائر قد انقض عليّ و أخذ الخرقة التي بها الغزل و ذهب بها، و بقيت حزينة لا أملك شيئاً أعول به أطفالي.. فبينما المرأة في أثناء حديثها مع نبي الله داود عليه السلام إذا بالباب يطرق على سيدنا داود فأذن له بالدخول.. وإذا بعشرة من التجار كل واحد منهم بيده مائة دينار فقالوا يا نبي الله أعطها لمستحقها.. فسألهم نبي الله داود عليه السلام: ما سبب حملكم هذا المال ؟ فقالوا يا نبي الله كنا في مركب فهاجت علينا الريح و أشرفنا على الغرق فإذا بطائر قد ألقى علينا خرقة حمراء و فيها غزل فسدّدنا به العيب الذي أحدثه الريح في المركب فهانت علينا الريح وانسد العيب، ثم نذرنا لله أن يتصدّق كل واحد منا بمائة دينار وهذا المال بين يديك فتصدق به على من أردت، فالتفت نبي الله داود عليه السلام إلى المرأة و قال لها: ربِ يتجر لكِ في البر والبحر و تجعلينه ظالماً ؟!! ثم أعطاها الألف دينار و قال : أنفقيها على أطفالك.
وقد كفل الله تعالى كذلك الأرزاق في الميراث.. ففي علم المواريث تجد تحديداً دقيقاً وتشريعاً حكيماً فقد ذكر تعالى في القرآن الكريم الميراث وطريقة توزيعه ومن يستحقونه ومن هم الورثة .. وبين قسمتها القرآن الكريم في محكم آياته.. وقد سميت أيضا بعلم الفرائض، أي جمع فريضة بمعنى مفروضة أو مقدرة لما فيها من الأنصبة والسهام المقدرة للورثة قال تعالى: \”لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً\” النساء 7.
ويعتبر علم الفرائض من أجَلّ العلوم قدرا وأعظمها شأنا فقد قال صلى الله عليه وسلم: \”إن الله تعالى لم يَكِل قسمة مواريثكم إلى نبي مرسل ولا إلى ملك مقرب ولكن تولى بيانها فقسمها أبين تقسيم\”.. ففي أحكامه بُعداً عن الجور وحسماً للنزاع الذي يزرع الأحقاد ويقطع الصلة بين الأرحام، وفيه إبقاء لصلة القرابة وحفظا لمال الأيتام وجبرا لأحد الزوجين عند موت الآخر.. والآيات التي جاءت في تقسيم الميراث كثيرة وعديدة بحمد الله وفضله. لقد كانت المرأة قبل الإسلام لا تُعطى شيئا من الإرث ولا حتى وليدها، حيث كانوا يقولون \”كيف نعطي المال من لا يركب فرسا ولا يحمل سيفا ولا يقاتل عدوا ؟\” فجاء الإسلام ولم يحرم الورثة وبين قسمتهم وحقوقهم في الميراث حسب التشريع الإلهي.. وهناك قصة تنسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه ــ جاءته امرأة فقالت: لقد مات أخي وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلا درهما واحد فقط ا! ففكر الإمام قليلاً ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا.. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم هو كذلك فقال : \” إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي \”75 درهما\”، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى \”400 درهم\”، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي \”100 درهم\”، ويتبقى \”25 درهما\” توزع على إخوته ألاثني عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت التي هي أنت درهم واحد\” فسبحان الله حتى الدرهم الواحد كفل لها تعالى نصبيها في الميراث ولم يحرمها منه.. والحمد لله على ذلك.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *