عندما رفض الشباب غناء ليلة خميس
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد منصور الساعد[/COLOR][/ALIGN]
عندما فرغت فرقة \” جدة ليجند \” من وصلتها الغنائية الأخيرة ضمن الحفل الفني الذي أحيته والذي شهدته فعاليات جدة غير لهذا العام ، تجولت بعيني لاستوعب رد الفعل الصاخب للجمهور الشبابي الذين غصت بهم القاعة ، كنت أريد أن اهضم كل ردود الفعل المدهشة التي تفاعلت و احتفلت طويلاً بتلك الفرقة وما قدمته من غناء \” الراب \” أو \” الهوب هوب \” كما يطلق عليه الممزوج ببعض المفردات والمقطوعات الغنائية الحجازية ، كان المشهد موحياً ومكثفاً فهو أكثر من فرقة غنائية تحكي بأصوات الشباب واقل من هوية جديدة أو مفقودة يقدمها اولائك الفتية .
أكثر من ألفي شاب جاءوا ليشهدوا انطلاق نموذجهم الخاص والمبتكر، طريق جديد اخذ بالتشكل يأخذ أعمق مافي التراث الحجازي واصخب مافي الموسيقى الغربية ، مصطحبا النموذجين معا ومغرقا فيهما حاملا لهم ملامح تراث كاد أن يذوب ، ليعود معتليا الموسيقى الغربية عله يجد لنفسه موطئ قدم في أذانهم .
هذا النموذج خرج دون علمنا بل لنقل ومن يهمه من اولائك الشباب علمنا أم لم نعلم ، قال لي احد الشباب عندما سألته عن الفرقة ومدى معرفته بها : لقد انتشرت مقاطع من محاولات غنائية لتلك الفرقة من خلال تقنية \” البلوتوث \” طوال السنتين الماضيتين وكان الشباب والشابات يتبادلون تلك الكليبات فيما بينهم، مثلها مثل كل منتجات \” البلوتوث \” تلك التقنية الحديثة التي خلقت للشباب عالمهم الخاص بدءا من أنتاج أفلامهم السينمائية القصيرة إلى إخراج أنفسهم من رقابة المجتمع القاسية باتجاه فضاء جديد يخصهم ويأنسون إليه .
تمنيت وقتها أن التقي بكل تلك \” العيون \” التي احتشدت مبكراً في مركز جدة للمنتديات والفعاليات لأفهم ما سر تلك التحولات التي لم يلحظها احد و التي حملت كل ذلك الحشد من الشباب صغير السن إلى القدوم من اجل فرقة غنائية مغمورة لم يكن حظها من الظهور إلا بضعة كليبات خافتة ضمن إحدى القنوات الفضائية .
سألت نفسي مرة أخرى ما الذي جعلهم يتلقفون أخبار قصي وزملائه المغمورين ويسارعون إليهم نائين بأنفسهم بعيداً عن ارث محمد عبده وعبد المجيد وما بينهما من أصوات وأغاني لها أول وليس لها آخر ، هل كان إعلاناً ضرورياً عن ولادة مفهوم جديد للحياة والتفكير ام كان فراقاً بينهم وبين ما يفرضه الإعلام ومكنته الضخمة وإنتاجه الباذخ عليهم .
ومحاولاته المستمرة لفرض أصوات بعينها وجدوها أمامهم فلاهم طربوا لها ولاهم اختاروها ومفردات متكلسة لا يعرفونها ولا تحكي حكاياتهم .
خلصت إلى أن مثل تلك الأفكار مضحكة للشباب الذين حضروا فلاهم حضروا لأنها فرقة شبابية ولاهم معنيون بتصوراتنا وتحليلاتنا المشهد فيما يبدوا عميقا عمق نضج الشباب الذين يستخف بهم البعض ، فماذا يرى الشباب في \” جدة ليجند \” هل يرون فيها تمردهم المتمدن الذي يخرج من نطاق التحدي الفردي إلى بناء الهوية أياً كانت هذه الهوية التي تلخص حاجات الشباب أو ربما تقضي الدين الذي ارتكب بحقهم أو بحق آبائهم بل وربما أجدادهم عندما كانوا شبابا .
وكأن المشهد لم يكتمل بعد فقد طلب احد فناني فرقة جدة ليجند في آخر الحفلة من جماهيره الشباب أن يرددوا معه أغنية ليلة خميس لمحمد عبده ، كانت ردة فعل الشباب صمتا هائلا لم يردد أحدا وراءه كلمة واحدة كانت إجابة واضحة ليست ليلة الخميس التي نبحث عنها ولا مفرداتها ولا ما تعنيه لقد لخص الشباب ماذا يريدون .
التصنيف: