[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

المجتمعات هي الركائز التي تنهض بها الأمم أو تتدهور، والناس هم مكونات هذه المجتمعات التي يعتبر فيها الفرد خلية مؤسِسة ومؤثرة في نسيج هذا المجتمع، لذلك عندما يفسد الأفراد ويُتركون دون علاج أو رادع، يستشري الفساد الاجتماعي الذي هو أساس كل أنواع الفساد بمختلف مسمياته و أطيافه، وطالما أن الأفراد هم أهم أدوات فساد المجتمعات التي تؤدي إلى فساد كل شيء، يتوجب علينا كأفراد أن نراجع أنفسنا عن الدور الذي يقوم به كل واحد منا في تأجيج هذا الفساد دون أن يعلم إذا افترضنا حسن النية لأن الفاسد بتعمد يعتبر خارج تغطية هذا المقال.
قد يكون الفرد مشاركاً فعالاً في فساد هو أكثر من يتضرر من نتائجه ويشتكى بكرة وعشية منه، الأمر يعود إلى الضمائر التي تمثل عند الإنسان السوي هيئة مكافحة الفساد والمباحث الإدارية مجتمعين، فإذا نامت الضمائر أو غُيبت فإن النفس الأمارة بالسوء سوف تجد الطريق معبداً لنشر وممارسة كل ما يعتبر فساداً تُشيد عليه ناطحات سحاب من الآفات الاجتماعية التي ما تلبث أن تحول أفضل المجتمعات في التركيبة والموارد إلى محيط تتصارع فيه خلايا المجتمع بشكل لا يسمن ولا يغني من جوع. أعتقد أن الكذب من أكبر الفايروسات التي تخدر الضمائر، البعض يظن أنه لا يكذب، فقط يظن، لا يحاول أن يحقق مع نفسه عن ممارساته اليومية، كم مرة قال كلمة باطل ليصل إلى أهداف شخصية؟ كم مرة أيد الظالم حتى بالكلام لأنه من المرموقين أو أصحاب الملايين وحتى ضد صديقه المسكين؟ كم مرة كتب، تحدث مؤيداً أو غير مستنكر لفعل ضار لأنه يصب في مصلحة الكبار وإن كان يدمر مستقبل الصغار؟
يقول خالقنا جل في علاه:\” فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى? (39)
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى\” (النازعات:41) التماشي مع هوى الحياة الدنيا يوصل الإنسان لأن يطغى بمختلف الطرق وليس بالضرورة أن يكون قذافياً، ولكن الأهم أن الإنسان الذي ينهى نفسه عن الهوى الذي يصنف كمسبب رئيسي للكذب والخداع دون ذكر الموبقات الآخرى تكون نتيجته التي قدرها العليم القدير هي الجنة التي يتشدق بالشوق إليها جميع المؤمنين وبالذات المسلمين في حين أنك تجد أن أفعال الغالبية وأقوالهم معجونة بالهوى الرخيص الذي لا يعترفون به بالرغم من تأخرهم الفاحش أمام تقدم الآخرين حتى من جاءا متأخرين.
مراجعة الضمائر في التصرفات الشخصية الخاصة و العامة تجعلنا أكثر صراحة مع النفس التي تدعي أنها لا تخشى غير الله وهي في الحقيقة تتصرف بخشية من أفراد لتتحول الأفعال إلى مرض ينتشر في المجتمع يشتكي منه الغالبية في حين أنهم من يزرعونه ويراعونه ليسوقوا ثمره بأيديهم و ألسنتهم، وفي نفس الوقت يدعون ويلومون في كل اتجاه ليقولوا نحن المسلمون ولا نعرف لماذا يتأمر علينا الآخرون.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *