عمر وميزانية التريلون

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. عائشة نتو [/COLOR][/ALIGN]

\”عمر\”، شاب يعمل في القطاع الخاص، تدرج لمنصب مشرف فروع في شركته، أروي لكم قصته بخوف الشباب المذعورين من الأزمة الاقتصادية العالمية، و بأسلوبٍ حابس للأنفاس، ظل يتساءل ماذا سيحل بنا في أزمة السوق المالية العالمية ؟
\”هل ستسرح الشركات السعودية الموظفين الحالمين ؟ هل تعاني البنوك من نقص السيولة؟ هل سيتوقف المستهلك عن الطلب الاستهلاكي المحلي؟\” و يتنهد بصوت خافض \”ليتني لم اشترِ سيارتي في عام 2008، ربما ينخفض سعرها هذا العام، سمعت أن السيارات سيعلوها الصدأ في المستودعات و لن يشتريها أحد!\”.
إذا دخل الشركة خرج منها متلفتاً إلى جدرانها، و إذا استمع إلى النشرات العالمية و انهيار اقتصاد الدول الكبرى رجف قلبه، و إذا خاطبته الإدارة بكى خوفاً من أنه حان وقت التسريح. أما إذا أتيحت له فرصة الاسترخاء و مشاهدة التلفاز و أطلَّتْ عليه مذيعاتُ نشرات الأخبار، يخفق قلبه و يتبادر إلى ذهنه أنه ربما حان موعد إذاعة خبر إفلاس أحد البنوك أو إحدى الشركات المحلية.
و كلما حاولنا التخفيف عنه بالتحليل و الإحصائيات التفاؤلية يقول: \” لا تغمضوا أعينكم و لا تديروا ظهوركم، إن الأزمة الاقتصادية تتحدث عنكم في القطاع الخاص، و ستعصف بحالنا، و تخرَّب بيوتنا، نساءً و رجالاً فلقد عصفت بأقوى الدول العالمية.\”
و في موعد ميزانية الدولة لعام 2009أخذ يستمع لصوت معالي الأمين العام لمجلس الوزراء الأستاذ عبدالرحمن السدحان، يتلو أرقام الميزانية السنوية للدولة و بنودها التاريخية المعلنة، تسمر \”عمر\” حاملا آلته الحاسبة يطرح و يجمع و يقارن بين الأعوام السابقة و اللاحقة.
قابلته في اليوم الثاني يحمل جريدة الاقتصادية، مبتسما يشرح المخصصات المدرجة في بنود الميزانية و المتعلقة بالخدمات و التنمية و يقول بأن الميزانية تحمل جرأة وطموحاً، تعكس عدم تأثر اقتصادنا السعودي بالوضع الاقتصادي العالمي، و أنها تعدت توقعاتنا. إن الفوائض المالية من الميزانية تستطيع أن تتغلب على أي أزمات مالية قد يمر بها الوطن، وحجم الاحتياطات المالية الحالية تكفي المملكة لخمس سنوات قادمة حتى لو لم تنتج أو تصدر أي كمية من البترول خلال تلك الفترة و لله الحمد.
للحظات، وأنا أتابعه، لاحظت أنه يطرح و يجمع في بنود الميزانية ليقنع السامعين، و فاضت مواهبُـهُ الخطابية في الشرح وبدا يعد كم صفراً في التريلون.
من قصة \”عمر\”، يتضح لنا كم نحن بحاجة شديدة و سريعة للإعلام بصوره المتعددة، ليبث الايجابية في شبابنا، وتكون العقول المتحدثة التي تخاطب شبابنا، ناهلة من مشاربِ المعارف الحسابية، و راسخة في روافدها و تشعباتها، متونها و شروحها و هوامشها، لشرح الصورة البعيدة للمستقبل الاقتصادي لهذه البلاد ليطمئن قلب \”عمر\” وأخوانه.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *