ليلى عناني

هواية التصوير الفوتوغرافي للطبيعة من أجمل الهوايات وأمتعها خاصة عندما يكون الهاوي يعشق السفر والسياحة في بلاد الله الواسعة والتي تجذب ناظريه طبيعتها الخلابة التي سريعاً ما تدفعه لالتقاط العديد من المناظر التي تبهر روعة مناظرها من يراها… وقد تكون اللقطة لأبسط الأشياء والأماكن فيحملها في خياله عائداً بها وبذكريات موثقة تعود به عند رؤيتها لأغلى ذكريات وأدقها، فالكاميرا في يد المصور كالريشة في يد الفنان يحفظ بها أجمل ما تلتقطه عيناه.
وبصفتي من هاويات التصوير فقد التقطت صورة لبلاط بيت أعجبني لونه كثيراً فهو برتقالي اللون ولمعته خلابة ناطقة، عند رؤيته لم أتمكن من تجاهله فالتقطت صورته رأساً وقمت بوضعها كخلفية لسطح مكتب الكمبيوتر الذي أصحبه معي في كل مكان. اكتشفت الكثير من المعاني بعد وضع الصورة ،فالكمبيوتر يحمل من البرامج القيمة الكثير ومن خلالها أتمكن من التجول عبر العالم كما يحلو لي وكلما رغبت للقراءة والثقافة والمعرفة ثم أعود بأبوابي المتعددة لأضعها أمامي كلها على بلاطة.
أجد في لوحاتي المنتقاة من الطبيعة التي رسمتها قدرة الخالق المتعة الجمة حين أنظر إليها ليزيد إيماني بالخالق سبحانه وتعالى وقدرته على خلق هذا الكون الخلاب بكل ما فيه من إعجاز إلهي بديع الجمال. كم هي هواية التصوير ممتعة، ذكرتني بشخص مُسن التقيته في إحدى سفرياتي، كان يحمل كاميرته التي عجز ساعده عن حملها بأن وضعها في حقيبة هي وملحقاتها من عدسات وغيرها فوق ظهره الذي حناه الدهر، وكان يحاول إنزالها في إحدى الحدائق الجميلة، كنت أجمع أغراضي لمغادرة المكان بعد أن ساعدته على وضعها بجانبه على المقعد الكبير، بابتسامة عريضة شكرني وجذبنا حديثه للبقاء فترة أخرى في الحديقة عندما أخذ يحدثنا عن هواية التصوير وكيف كانت بدايته معها، بصوت حزين يشوبه نوع من السعادة قال بأنه شخص ثري يملك من المال والعقارات ما جعله مليونيراً وكان مجتهداً وفخوراً بما وصل إليه من ثراء باجتهاده وعمله الدؤوب. توفيت زوجته فورثها مما زاد ثروته، له منها ثلاثة أبناء غدروا به حيث قاموا بالحجر عليه واتهامه بالخرف ليستولوا على ثروته التي كانت نتاج عمله سنين حياته الطويلة، ولكنه نجا بنفسه وأنقذ ثروته وفر بها إلى هلسنكي عاصمة فنلندا لينفقها ويتمتع بها قبل وفاته ولا يترك لهم شيئا لا يستحقونه .. أخذ بالبحث عن أغلى هواية يمكنه الصرف عليها وقضاء وقته فيها ولم يجد غير التصوير الفوتوغرافي فقام بشراء عدد من الكاميرات باهظة الثمن وملحقاتها واتخذ السفر والسياحة لأفضل الأماكن في العالم تاركاً أبناءه بجحودهم خلفه في بريطانيا وبعيداً عن بلده التي تركها غير نادم ليتخذ من العالم كله بلادا له بفنادقه الفخمة وبما تقدمه له من خدمات ورعاية صحية بِحُر ماله الذي يأبى أن يتركه إرثاً للحيوانات الأليفة كما يفعل بعض الأوربيين في العالم، قالها بصراحة و \”على بلاطة\” وبدون خجل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *