على الدرب .. مراكز تنمية المهارات إلى أين؟

• مصطفى محمد كتوعة

في الصيف يجد كثير من الشباب فرصة لتنمية المهارات واكتساب خبرات من العلم والمعرفة والتدريب، وقد شهدنا في السنوات القليلة الماضية استثمارات كبيرة في مراكز لتنمية المهارات تقدم دورات متخصصة في مجالات شتى، وهي لا شك مفيدة وتعكس وعياً متنامياً لدى مجتمعنا بعد أن ظل الأمر مقتصراً على التعليم فقط، وكانت الشهادة الدراسية هي نهاية الطريق وبوابة العمل التي لم تفتح إلا لذوي القدرات .
هذه المراكز والمعاهد الأهلية وإن كانت خطوة سليمة في الاتجاه الصحيح وتعكس تجاوب المجتمع مع تحديات التنمية البشرية واحتياجات سوق العمل، إلا أن بعضها جنح عن الأهداف التي كانت من أجلها، وقد سمعت بنفسي الكثير من الشكاوى وملاحظات ممن أعرفهم، كما قرأت ما أثير من قبل حولها .
الشكاوى والملاحظات تتلخص في نقطتين : الأولى هي ضعف الجودة، مما يشير إلى عدم الالتزام بالمستوى المطلوب في التدريس وفي المواد وفي المدربين أنفسهم، وذلك من قبيل تقليص النفقات والمصروفات ليس على المتدربين الذين يلحقون بها وإنما نفقات المعاهد من أجل زيادة أرباحها إذا كانت تربح، أو الحد من متاعبها المالية إذا كان الإقبال على الدورات ضعيفاً في عدد الملتحقين بها .
أما النقطة الثانية فتتعلق بالرسوم، وهذا وجه آخر للمشكلة لأنها تزيد من اقتصاديات التدريب وتكاليفه، خاصة وأن كثيرين من الراغبين في الدورات يتدبرون الرسوم بشق الأنفس، وإذا استمر هذا الارتفاع في رسوم مراكز تنمية المهارات فإنها ستعجز كثيراً من الشباب ولربما يخرج أعداد منهم من سوق التدريب في الوقت الذي يحتاج فيه سوق العمل إلى المزيد من أبناء الوطن شرط تأهيلهم، وهذا دور القطاع الخاص الذي يجب أن يحسب دخله على أساس تكلفة التشغيل مع نسبة من الأرباح تكون معقولة ورحيمة على الملتحقين لتشجيع غيرهم .
لقد كان للقطاع الخاص وسوق العمل ولا يزال شروطه حسب تنوع وتطور مجالات العمل وأساليبه مع تطور التنمية، حيث ظهرت أنشطة جديدة واتسعت مجالاتها كالتسويق الذي ارتبط بكل شيء تقريبا نظراً للحركة التجارية الواسعة في بلادنا، وأيضا اللغات والحاسوب والعلاقات العامة ومهارات الاتصال التي هي جزء من التسويق لكن في الأفكار، والجميل حقاً أن نشهد مراجع وكتب وكتيبات ومصدر معرفة في هذه المجالات، ونتمنى لو أن هذا الجهد العلمي وجد تربة محلية وأصبح لدينا كفاءات علمية تقدم دراساتها ونظرياتها وعلومها في هذه المجالات وربطه بتطوراته في الدول المتقدمة .
والنقطة السابقة تدعونا إلى أمر مهم هو ضرورة اهتمام مناهجنا الدراسية بعلوم المهارات ليس فقط كمواد تدريس وعلامات ودرجات تنتهي بشهادة، وإنما لتغرس هذه العلوم وتبني قدرات من الأساس، حتى تقترب المسافة بين ما يخرجه التعليم وما يحتاجه سوق العمل، ومن الصعوبة بمكان أن تظل مناهجنا الدراسية في وادٍ ومجالات العمل في وادٍ آخر، والحياة العملية لا تقوم فقط على علوم ونظريات يتم الاختبار فيها وقياس النجاح بمدى حفظها والإجابة عليها وإنما بغرس المهارات الأساسية الواجب أن تكون ضمن المناهج كمواد مستقلة أو ضمن مواد أخرى حسب ما يرى خبراء التعليم والمناهج في هذا الشأن .ومن الصعب بمكان أيضاً أن يبدأ أبناؤنا تعلم المهارات الحقيقية بعد التخرج، ويقول المثل :\”العلم في الصغر كالنقش على الحجر \” ولو أنهم تعلموا مبادئ المهارات في المرحلة المتوسطة، ثم تحصلوا على جرعة أكبر وأكثر تخصصاً في الثانوية لتخرجوا منها وقد تزودوا من المهارات وأساسياتها بما يعينهم على اكتساب المزيد منها بالعلم والتدريب لتكون فرص العمل في متناولهم .
ومن كل ما سبق نتمنى لو زادت الرقابة عن جودة التدريب والدورات بمراكز تنمية المهارات الأهلية وعدم التهاون في أي ضعف مستوى أو تقصير، أو استعانتها بمدربين غير مرخص لهم وغير أكفاء سواء من الداخل أو الخارج، حتى لا تقلب الأهداف الاقتصادية على المنتظر من هذه المراكز وتكون نتائجها في صالح الوطن ..والله نسأل التوفيق والرشاد .
حكمة :\”واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين \” .

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مصطفى محمد كتوعة
للتواصل : ٦٩٣٠٩٧٣[/COLOR][/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *