علامات تعجب في مشهدنا العربي

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سعيد الحمد[/COLOR][/ALIGN]

سؤال يقلقني كمثقف وكاتب يحمل رسالة ويتطلع من خلال دوره لتقديم رؤى وافكار لا تساير السائد والشائع في الشارع العربي بقدر ما يفرض عليه دوره ككاتب ومثقف ان يطرح اجتهادات يرى مخلصا انها ستساهم في اخراجنا من ازماتنا الطاحنة والمغلقة والتي لم ينفع معها السائد والمهيمن والشائع من افكار ومن اساليب جربناها على مدى عقود طويلة في زماننا العربي المأزوم ولم تزد الاوضاع الا ترديا وتراجعا ونكوصا معطوفا على الاحباط واليأس الذي انتج او فلنقل ساهم بوعي منه او دون وعي في انتاج ظواهر خطيرة ابرزها واخطرها على واقع مستقبلنا هو العنف المستشري اسلوبا ومنهجا وحلا لدى قطاعات واسعة من الشعب العربي في المجتمعات الاسلامية.
من السهل اليوم ان يشتم الكاتب امريكا والامبريالية والرأسمالية كما يفعل ابطال الفضائيات ونجوم الميكروفونات وان يلعنها فيكسب شعبوية واسعة وينال تصفيقا شديدا من شارع تربى طوال حياته على ردات الفعل الانفعالية والحماسية المحكومة بالشجب والتنديد والشتم واللطم واللعن دون ان يصل الى نتيجة عملية ايجابية تنعكس بشكل جيد على ارض الواقع المأزوم والمهزوم الذي يطبق على انفاسه.
في ظل هذه الوضعية التي اشرنا اليها من السهل ان تصبح ضيفا مقبولا ومطلوبا لدى فضائيات وقنوات الشتم واللطم والتنديد التي عرفت المفتاح السحري وادركت مبكرا ان اسهل طريق الى وجدان المشاهد العربي المنفعل هو هذا الاسلوب فراجت قنواتها وفضائياتها وبرامجها وسط صراع القنوات ومعارك الفضائيات المطلوب منها ان تقدم ارقاما عن عدد مشاهديها لشركات الاعلان وللممول وللمساهمين فيها حتى يستمر الدفع ويرتفع التمويل.
ومن هنا فانزلاق الكاتب الى دائرة الشتم والذم والتنديد للاسف يعود بازماتنا ومشاكلنا العربية الى المربع الاول الذي درج عليه كتابنا ومثقفونا وسياسيونا مستلهمين بشكل او بآخر اسلوب صوت العرب وطيب الذكر احمد سعيد وبرنامجه الشهير «اكاذيب تكشفها الحقائق» حتى صدمنا بالكذبة الكبرى غداة هزيمة 1967.
والسؤال لماذا تلبستنا من جديد وأعدنا انتاج حالة الشتم والذم والشجب الحماسي دون ان نستذكر ودون ان نستفيد من تجربة اسلوبها الكارثي.. ثم هل المرحلة الكونية والعالمية التي نعيشها اليوم بمتغيراتها العظيمة يجدي وينفع معها هذا الاسلوب في المعالجة.. ام ان الكاتب كما اشرنا يبحث فقط عن شعبوية يساير بها السائد دون ان يملك جسارة المغايرة في اجتهاداته حتى لا يخسر قراءه فيكتب كل يوم ما يريدون او بالادق ما يتوافق مع مزاجهم فيتحول من صوت مستقل الى صدى ويتحول من مجتهد لصياغة رأي عام جديد قادر على التفكير وطرح الاسئلة والاستنتاج والشك الايجابي في المسلمات القديمة والوصول بقناعات ذاتية مستقلة تقضي على اسلوب التلقين.
وهنا نطرح السؤال المسكوت عنه.. من يقود.. من؟؟ ثم هل بالشتم واللطم والتنديد الحماسي سنصل الى نتائج تغير الحال العربي وتفك ازماته الخانقة؟؟
الأيام البحرينية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *