عبد الله بن عبدالعزيز صانع التنمية البشرية

• أ. د.بكر محمد العمري

انها لحظة تردد وعدم قدرة على استجماع الكلمات والعلامات ومداخل الكتابة عن حكيمنا الراحل عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله – لا يكاد المرء ان يعرف من اين البداية لان الانتقال الى عالم الابدية والسكينة بطرح اسئلة الوجود كلها ومعها تتدفق الاحزان العميقة على الحبيب الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الى رحمة الله الواسعة.
لذلك فانه برحيل فارسنا العظيم عبدالله بن عبدالعزيز تغيب شمس قيادة مستنيرة اضاءت افقنا وحياتنا، حكمة وشجاعة عاقلة، وفكراً واعياً، وروحاً وثابة، ونفساً خلاقة تجمع بين طيب السمات وروعة الخطوات.
فعندما قبل فارسنا الراحل تحمل مسؤولية القيادة قرر بأن التعليم سبيلنا الى المستقبل ففي نظره – يرحمه الله – ان للتعليم مكانة رئيسية في المجتمع السعودي، فالتنمية وزيادة قدرة المجتمع على الانتاج ورفع مستويات المعيشة وقدرة الانسان على ترقية مكانته الاجتماعية، كل هذا يعتمد على التعليم.
المملكة بجموع ابنائها الاوفياء تودع فارساً حقيقياً من فرسان القيادة الرشيدة، الى رحاب الصدق والحق واليوم الآخر.. لذلك يُعد الملك عبدالله احد الزعماء القلائل الذين استطاعوا ان يغيروا من مسار تاريخ شعوبهم، واحدثوا نقلة حضارية لبلدانهم.
فمنذ تولي فقيدنا قيادة المملكة اخذ على عاتقه السير في صناعة التنمية البشرية لدرجة وصفته منظمة التنمية الدولية بانه “صانع التنمية البشرية” حيث نجح بفكره ورشاقته وتوظيف دخول النفط في تحقيق التنمية البشرية، وادت جهوده في النهاية الى ازدهار المملكة علمياً ويزداد لمعانها بريقاً في المجالات الشاملة وادخل التعليم الجامعي في دائرة المنافسة بين الجامعات العملاقة الدولية ومن يتابع تاريخ الملك عبدالله يجد انه من المؤمنين فعلاً ان للتعليم مكانة رئيسية في المجتمع السعودي. لقد رأى صانع التنمية البشرية – يرحمه الله – ان التنمية وزيادة قدرة المجتمع على الانتاج ورفع مستويات المعيشة وقدرة الانسان على ترقية مكانته الاجتماعية كل هذا يعتمد في المملكة على التعليم.
في ضوء ذلك تشكلت ملامح السياسة التعليمية في المملكة والتي يعتبر من ابرز ملامحها ان التعليم والتعلم تحديدا هما المفتاح الرئيسي للتنمية البشرية التي تعتبر العمود الفقري للامن القومي، مما مهد الطريق لفتح جامعات في كل منطقة من مناطق المملكة، اضافة الى اطلاق مشروع الملك عبدالله – يرحمه الله – للابتعاث للدراسة في جامعات العالم (امريكية، كندية، اوروبية، اسيوية).
وليس هناك ما يشهد للمرء سوى ما تتحدث عنه الحقائق على ارض الواقع، وفي تجربة فارسنا الراحل قصة كفاح وعطاء عبرت عن نفسها في ربط التعليم بخطة التنمية البشرية وتحويل المملكة الى دولة عصرية حديثة بكل اساليب العلم والتكنولوجيا فتنتج اجيالا بشرية واعية تساهم في تحقيق اهداف التنمية الشاملة، ولعل اهم النتائج المتميزة هو انشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في “ثول”.. ما يجعلنا ان نقول اطلب العلم في “ثول”.. بدلا من المثل التاريخي “اطلب العلم ولو في الصين”.
ولعل اعظم ما قدمه عبدالله بن عبدالعزيز انه ترك لنا تراثاً تعليمياً نفخر به ورصيداً ننتهل منه ومنهجاً يسمح لنا بأن نظل مرفوعي الهامة وسط دول العالم.
ومن يتابع تاريخ الملك عبدالله – يرحمه الله – يجد انه من اخلص صناع التنمية البشرية الذي يؤمن ايماناً قوياً يربط التعليم بالتنمية البشرية – فعلا لا قولا فقط – انطلاقاً من نظرته الواعية بأن تجارب الشعوب تؤكد بأن النجاح والتقدم لا يكون للبلدان الكثيرة العدد او الغنية بمواردها الطبيعية فحسب، بل يكون للبلدان التي تقيم نظاماً تعليمياً متطوراً.
لذلك سيظل عبدالله بن عبدالعزيز فقيدنا محفورا في قلوب مواطنيه لانه جعل التعليم مفتاح العصر والتطور لزيادة المهارات واكتساب الخبرات وتوسيع المعارف لديهم من اجل دفعهم الى المشاركة في الخطط التنموية في مناطقهم وقراهم.. وليس لهم امام قضاء الله سوى ان يجددوا الامل في ان تظل ذكراه نبراساً تهتدي به الاجيال الصاعدة والقادمة والساعية للتطور والتقدم بين شعوب الارض.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *