منيرة العقل
كانت حادثة سقوط مظلة مدرسة البنات قبل أسابيع منذرة بواقع مؤسف يستتر خلف قناع بيروقراطية يفترض نزعها في مواقف إنسانية . نقل إلينا أن المظلة غير مطابقة للمقاييس واشتراطات السلامة وأن إدارة المدرسة خاطبت الجهات المسؤولة بهذا الخصوص وهذا التصرف هو حال كثير من إدارات المدارس التي تسعى الى إخلاء موقفها من اتهامات في حال وجد القصور وحلت الكارثة. الحاصل أن لجان الأمن والسلامة في المدارس لا تعدو كونها فرد فرض عليه الإشراف على أمور السلامة دون خبرات تشفع له أو استعداد مهني يرجى منه وهي غالبا تغطية صورية كلف بها إضافة إلى عمله الأساس وما يحدث من تراخي إدارات المدارس نحو إجراءات الأمن والسلامة في المبنى المدرسي أمر يستدعي الوقوف والتنبه لأهمية فرض آليات عمل تتطلب أقصى درجات الاحتياط والسلامة والالتزام بها . شكلت حادثة سقوط المظلة تساؤلا هاما عن سبب تأدية الطالبات للاختبار تحت المظلة وهي آيلة للسقوط وعن غياب احترازات السلامة في محيط المكان وهو غير آمن حيث لم تغلق الممرات المؤدية للمظلة ولم توضع لافتات تحذر من الاقتراب منها وتلك كانت أبسط الأمور في مثل هذه الحالات لو قدر لها أن تتواجد لسمحت بتلافي الإضرار بالأرواح ، ولن تمر هذه الحادثة الأليمة وهي تضع علامات استفهام أخرى مفادها رواية شهود الكارثة حين سمعت الطالبات طقطقة فوق المظلة وحل الارتباك وعلا الوجوه ملامح الخوف وأصوات اعتراض تشكو غرابة ما يحدث فوق رؤوسهن جاءت التطمينات من مسؤولات المدرسة بأن الصوت هو طقطقة عصافير فوق المظلة ! أي تبرير ساقته الأقدار ليمنع حسن التصرف وليمنع قبول الرأي الآخر رأي الطالبات الذي لم يسمح له بالتعبير ! وفي الأغلب كانت رغبتهن الحقيقية الحصول على مكان آمن ووعد صادق بأن ما يحدث تخيلات وأن كل شيء كان على ما يرام . لم تتنازل بيروقراطية تنفيذ اللوائح هنا فلم تحسن التحرك ولم تحسن تدارك الأمر وظلت في إطارها الحازم فسقط كل شيء وانهارت الحقيقة وحلت الكارثة وتكشفت عن قناعات صحيحة كانت تستبعد أن يكون هذا الصوت طقطقة عصافير وأن صرير أعمدة الحديد كانت تبعث بالإنذارات التي لم تجد آذانا واعية ، ولا أجد مبررا قبوله حيال إسكات الطالبات وإجبارهن على التزام الصمت وتأدية الاختبار رغم الاضطراب والمخاوف حينها !. شيء واحد ممكن تبريره أن حس السلامة هنا لم يكن مؤهلا لمواجهة مثل هذه الأمور الطارئة والتي تتطلب حلا سريعا للموقف وقبول مخارج السلامة أيا كانت والتخلي عن حواجز النظام.
إن سلامة الإجراءات التي تسبق الكارثة لا يعني إهمال موقع الخلل فالمخاطبات الورقية هي نظام آلي يتجرد من الصفة الإنسانية التي تستشعر وجود الخطر فما هو مفترض من أي مسؤول مؤتمن على أرواح الآخرين في مؤسسته هو المبادرة الى التصرف حتى لو تتطلب ذلك إنفاقا ماليا خاصا . رحلت فاطمة ـ يرحمها الله ـ في حادثة المظلة وستبقى جرحا ينزف في ضمير كل مسؤول ولن تجف الآلام حتى يأتمن الآخرون على أبنائهم وهم يتركونهم في مدارس بعضها آيل للسقوط وبعضها غير مطابق لشروط السلامة ، على كل إدارة أن لا يكون جل اهتمامها هو خلو سجلها المهني من التقصير تجاه إهمال موجود يتم تهميشه بحجج كثيرة لا تجد القبول حال وقوع الخطر.. حفظ الله الطلاب والطالبات من الأخطار ، ونسأل الله السلامة لنا وللجميع.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *