ضبةُ ومفتاح .. بيتنا البلدي
تم تهيئةُ بيتنا البلدي عند بنائه بحي المظلوم لسكن سيدي وأعمامي والوالد وعوائلهم. بالإضافة صُمم ليغطي احتياج تجارة سيدي طه صابر … الذي كان يبيع احتياجات أهل البادية وأنشئ بيتنا قبل قرن وزيادة ….بدكان من الناحية الجنوبية مطلاً على سوق البدو … وخلفه ثلاث قاعات لتخزين البضائع التي كان يستوردها ويوردها من خارج وداخل البلد وكان هناك مدخل داخلي من البيت إلى الدكان …..وكل ذلك في الدهليز الذي يضم مقعد سيدي لإستقبال ضيوفه وكذلك الصهريج والدرج النور والدرج الضلام(الظلام) التي تلتقي مطارحها في بعض الأدوار وطبعاً من السطوح.وكان هناك جزء ترفيهي به مغطس في ما نسميه بيت البير (البئر) من الماء الرديخ (ماء مالح) يتم تعبئة المغطس منه ويستخدم للتبرد صيفاً …هذا وصف الدهليز من الداخل . ويجد الخارج منه باب البيت الرئيس المكون من درفتين من خشب الزان المنقوش والمنحوت من الداخل والخارج ، وتوجد درفة صغيرة في الدرفة اليمنى للداخل من البرحه ….هذة الدرفة إلي تفضل مفتوحه طول اليوم ويتم تربستها (غلقها) ليلاً بعد عودة الجميع للبيت. وقد تم وضع نظام لتربسة الدرفة بالضبة (مزلاق من الخشب .. حاجة زي الزرفونة) التي تغطي بعد إنزلاقها كامل الدرفة. حيث يضع كل واحد من الكبار عند عودته بعد صلاة العشاء حجر صغير على الضبة…. من الأعمام والوالد وأولاد الأعمام الكبار اللذين كان يسمح لهم بالتأخر حتى الساعة الرابعة غروبي أي الساعة العاشرة زوالي (التوقيت الحالي). وأخر العائدين للبيت وبعد إكتمال النصاب يقوم بتربسة الباب بالضبة. وللعلم كان مفتاح البيت موجود فقط عند عمي محمدبعد وفاة سيدي طه (رحمهم الله)، وذاك المفتاح لم أراه طوال بقائي في بيت البلد!!!
ومن ذكريات باب بيتنا كنا الصغار نضيف حجر على الضبة،فيتربس الباب قبل وصول أخر العائدين…. ويضطر يزهم أو يدق حلقة الباب مستغيثاً ،حيث لم يكن هناك جرس كهربائي حتى بنزل أحد يفتح له الباب!!!!
ومرات أخرى نشيل (نزيل) حجر من على الضبة فيبقى باب البيت مفتوح طول الليل….. وياويل أولاد أعمامي الكبار من خصمة عمي محمد الذي وجد الباب مشنقل (مفتوح) طوال الليل عند نزوله لصلاة الفجر.هذا ولم يتم إفشاء سر حجار الضبة إلا بعد إنتقالي مع الوالد والوالدة (حفظهما الله) من حي المظلوم إلى حي الرويس بسنوات عديدة.
أما نحن الصغار فلا يسمح لنا التأخر بعد أذان المغرب.
وكان عمي محمد٠ يجلس أمام البيت في الجزء الشمالي وله عتبة أمام مكتبه فوقها كرسي له وأخر لضيوفه …. ويتمكن من رؤية المتأخر من الأولاد الصغار. وعليه كنا ننتظر ذهابه للزاوية لصلاة المغرب لنزبق (نتسلل) إلى البيت.
وإذا تأخرنا بعد صلاة المغرب… ويكون عمي قد عاد إلى الكرسي…. فندبر الأمر
بأن يقوم زملاء لنا بعمل صجة (أصوات) في الناحية الشمالية وعند قيامه ليرى ماذا جرى؟….نزبق من الجهة الجنوبية … من سوق البدو إلى البيت!!!
الحمدلله على منه وكرمه….. بيوتنا اليوم مجهزة بجرس لكل دور… وكل واحد من أعضاء العائلة في جيبه مفتاح للبيت …. وفي يده جوال لعمل الاتصالات من أي مكان لمن يحب في جميع أنحاء المعمورة. رحم الله ضبة بيت البلد.
التصنيف: