[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

في الأسبوع الأخير قبل رمضان تحولت صنعاء الى ورشة عمل كخلية نحل لا تستكين. فهناك جانبين لا تخطئ العين المجردة عن ملاحظتها، الجانب الآول هو الشوارع مزدحمة بحيث تصبح قيادة السيارات عملية شاقة والسير على الآقدام افضل لولا المطر الغزير الذي تواصل كل يوم وخفض درجات الحرارة استعداد رحيما للصائمين.
والبقالات وكأنها تتعرض للتفريغ لإعادة التعبئة في المنازل، والأسعار تتنافس فيما بينها في الإشتعال، والناس لا يتوقفون عن الشراء.
اتضح ان هذا السلوك لايخص اليمنيين وحدهم بل كل دول الجزيرة العربية ومصر. فهناك شعور سائد بضرورة شراء احتياجات رمضان قبل وصول الشهر كي تصبح الجهود التي لا تزال مطلوبة خلال الشهر في اقل معدل ممكن لها. ونادرا ما يكون الأمر من اجل التفرغ للعبادة والذكر، بل هو في الغالب من اجل التراخي والنوم والكسل خلال النهار بالذات للشعور بأقل انهاك ممكن ان يتسبب فيه الجوع.
وفي اليمن تتغير ساعات العمل في شهر رمضان فتبدأ متأخرة وتنتهي مبكرة ولا تستكمل الا نادرا الساعات المطلوبة كحد ادنى للعمل. وبالرغم من الانقطاعات المتواصلة للكهرباء فالناس يشترون محتاجاتهم حتى المثلجة منها رغم ان وجودها في البقالات التي لديها ماكينات توليد كهرباء مساندة تضمن استمرار التثليج والحفظ الصحيح لها، لكنهم يغامرون ويشترون كل شيء رغم احتمالات الذوبان وتكرار التبريد مما يؤذي صحيا سلامة المواد المحفوظة بالتثليج.
والمكاتب مزدحمة، المراجعين يخرجون آخر وسيلة ملاحقة مخبئة في جعبهم كي يستكملوا الاجراءات قبل ان يبدأ الشهر الكريم، ويمارسون اضرابهم السنوي غير المعلن عن العمل. حتى الوكالات الآجنبية والمنظمات الدولية تؤجل اجازات موظفيها حتى شهر رمضان. فهم يتوقعون انهم لن يجدوا احدا في مكتبه ولن يكون هناك عمل يستحق التفرغ له.
الجانب الثاني هو كل الندوات والأنشطة المرسوم لها ان تتم خلال شهر ونصف من الآن تم اختزالها في العشرة الأيام السابقة ففي اليوم الواحد لا تستطيع ان تستجيب لدعوة من كثرتها، ولا يستطيع النشطاء العاملين في مجال التطوير والتنمية مواكبة الآحداث والمؤتمرات واللقاءات والأمسيات وفعاليات الافتتاح والاختتام لمشاريع مختلفة لا تتوقف الدعوات عن التوجه بها.
الجانب النفسي لصنعاء:
صبيحة اليوم الأول للشهر الكريم كانت فيه الشوارع هادئة، والمدينة نائمة مستكينة، لا مارة في الشوارع ولا سيارات. السماء تظللها السحب فتعد بطقس جميل، والاتربة والتلوث في اقل حد له من الهيمنة على الشوارع فقد ساعد المطر الغزير في اليوم السابق على تهدئة الغبار وامتصاص الأتربة وتنقية الهواء الى حد كبير من الشوائب.
معظم المحلات مقفلة ستفتح قرب الظهر، وتبداء الأسواق في الازدحام وتتحول الشوارع الى حالات جنون مطبق في الدقائق الأخيرة قبل اذان المغرب. انه النظام البيولوجي لهذه المدينة. شهر مبارك عليكم جميعا.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *