صندوق الموارد البشرية الأهداف والتطبيق
شهوان بن عبد الرحمن الزهراني
القرارات والتنظيمات التي تستهدف معالجة مشاكل وأوضاع قائمة غير صحيحة وتسعى إلى القضاء على تلك المشاكل يشترط فيها أن تكون تنظيمات دقيقة وقرارات سديدة ، تتسم بنظرة شمولية فتعتمد على دراسة الأوضاع القائمة والمشاكل الراهنة وكيفية علاجها واجتثاث جذورها ، وتلافي أسبابها ومنع حدوثها وسدّ كل ثغرة يمكن أن تنال من الهدف المطلوب ، وذلك من أجل أن تتحقق الغاية منها فلا تتولد عنها مشاكل جديدة أو ينتج من خلالها آثار سلبية تهدر معها كل المقاصد والأهداف المطلوبة . وكل قرار أو تنظيم يخلو من ذلك فإنه يكون عشوائياً وارتجالياً لا يلبث أن تتراكم بسببه مشاكل وأوضاع سيئة ربما تفوق سابقاتها ، ومن ثم فلا يثمر ذلك القرار ولا ينتج عن ذلك التنظيم أي فائدة تذكر إلا ضياع المال والجهد والوقت وحسب .
ومن يدقق النظر في آلية دعم صندوق تنمية الموارد البشرية لدعم لتوظيف الشباب السعودي لا يجد عناء في اكتشاف خطأ كبير في تلك الآلية استفاد منه المتلاعبون والمتحايلون في بعض المؤسسات الخاصة بحيث يقومون بالاستغناء عن العاملين الذين لا تنطبق عليهم شروط الدعم واستقطاب عاملين جدد تتوفر فيهم شروط الدعم . صحيح أنه لا أحد ينكر توجهات الصندوق في دعم مسيرة توظيف الشباب السعودي والسعي لتحسين مستواهم العلمي وتأهيلهم مهنياً بيد أن آلية الدعم تحتاج إلى إعادة نظر لما برز من خلال التطبيق من وجود ثغرة استفاد منها بعض المتلاعبين . فبعض الشباب السعودي تضرروا بسبب الآلية المتبعة في هذه الإعانة أو الدعم – أسموه كما شئتم – وما يحيط بها من تلاعب يصل إلى درجة الاحتيال وأصبحت وبالاً على فئة من الشباب لأنها هدمت بيوتهم ودمرت أحلامهم واستأصلت كل آمالهم ، فبعد إن وجدوا وظائف في مؤسسات وشركات معينة واقتنعوا برواتبها الزهيدة وشروطها التعجيزية وأنظمتها المجحفة لعدم وجود البديل فهم ينطبق بحقهم المثل العربي \” مكرهاً أخاك لا بطل \” فاقتنعوا بأقل القليل لعدم وجود المطلوب ولقسوة ظروف الحياة الأسرية التي تحيط بهم ، أعرف منهم من يداوم من مكة المكرمة إلى جدة فيذهب مع صلاة الفجر ويعود إلى منزله بعد صلاة العصر وبراتب أقل من ألفين وخمسمائة ريال وهو مبلغ زهيد جداً في مقابل العمل الذي يؤديه ، ولعدم وجود تغطية نظامية تحميه وزملائه العاملين معه في إحدى الجهات فقد تفاجئوا بما لم يكن في الحسبان حيث قامت بالاستغناء عن خدماتهم بقرار جائر وتعسفي مبنياً على مصلحة ذاتية بحتة وليس بسبب مشروع ، بل بسبب ثغرة في تنظيم صندوق تنمية الموارد البشرية ، فقامت تلك المؤسسة – وأمثالها كثير وكثير – بالاستغناء عن خدمات العاملين السابقين وجلبت عاملين جدد رغبة في الحصول على الإعانة من صندوق الموارد البشرية فهل هذا يعقل وهل هذا يجيزه الشرع والنظام .
هذه الثغرة الكبيرة والفجوة العريضة في آلية الدعم يجب سدّها وردمها حتى تتحقق الغاية من الإعانة ، وللحيلولة دون التلاعب والتحايل من الشركات والمؤسسات الصغيرة والكبيرة على حد سواء ، ومحاسبة تلك المؤسسات وحرمانها من الدعم ، فالغاية من إنشاء الصندوق كما جاء في المادة الأولى من تنظيم الصندوق هي \” يؤسس بمقتضى هذا النظام صندوق يسمى صندوق تنمي الموارد البشرية ويختص بتسهيل توظيف الموظفين وتدريبهم وتشجعيهم على العمل في القطاع الخاص … \” ومن هنا فإن تسهيل التوظيف يعني محاولة للقضاء على البطالة وليس تكريسها أو التحايل عليها فيتم الاستغناء عن موظف ويعين آخر فهذه عملية كعملية تحريك حجار شطرنج ، لا تساعد على القضاء على المشكلة ولا تنتج أثراً ملموساً اجتماعياً ، فتوظيف شاب وطرد آخر ليس حلاً للبطالة وليس فيه تشجيع على العمل . ولهذا فإن الفقرة (3) من المادة الثانية من تنظيم الصندوق يجب أن تعاد صياغتها بحيث يحفظ للعاملين السابقين حقوقهم فيطلب من الشركة أو المؤسسة أن تثبت ببيان صادر من التأمينات الاجتماعية أسماء كافة العاملين لديها وأن يكون المشمول بالدعم موظفاً جديداً وإضافياً على العدد السابق وليس موظف بديل ، ما لم يكن الموظف السابق ترك العمل من تلقاء نفسه . فتخطر الصندوق بذلك ويحق لها تعيين البديل واستحقاقها للدعم . أما أن يتم فصل السابقين وتعيين جدد رغبة في الحصول على الدعم فهذا بخلاف الأهداف التي توخاها النظام كما سبق الإشارة إليه . كما أن اقتصار الدعم لمدة سنتين فقط قد يحفز على الاستغناء عن العاملين الذين أمضوا سنتين في العمل وتعيين جدد غيرهم .هناك شركات كبيرة يتأخر تعيين المتدربين على رأس العمل فيها – رغم الحاجة لهم – لعدة شهور وذلك بسبب التأخر في توقيع العقد مع صندوق تنمية الموارد البشرية والرغبة في الحصول على الدعم . فإذا كان هذا يحدث في شركات كبيرة فما بالك بالمؤسسات الصغيرة . إن الشباب طالبي العمل بحاجة إلى الدعم المستمر لتتحقق لهم كرامة العيش وحتى لا يفقد الوطن حماس هذه الكوادر وتشوفها للعمل النزيه والنافع . فهل يحظى الشباب بمثل هذه العناية المستمرة .
اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى .
ص.ب 14873 جدة 21434- فاكس : 6534238
التصنيف: