صناديق التنمية تحتاج تحفيزاً

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

يقولون في كل العالم \”تعلم من أخطاء الماضي\” ولكن نحن وبسبب ازدياد الخصوصية إلى درجة الحموضة أصبح لدينا من يجعل أخطاء الماضي التي حدثت بدون مبرر أو بسبب فساد تصبح متاريس أمام أي فكر أو رؤية مستقبلية بحجة أننا \” تمقلبنا\” في الماضي وطارت الطيور بالملايين وتُرك الضحايا الذين طاح على رأسهم عبء المقلب، ولسان حال الموظفين يقول:\”لابد أن نحطات من الوقوع في أي مقلب جديد والطريقة تكون بتعقيد الإجراءات، طلب المستحيلات ونقف أمام الابتكارات وبالنظام، وما يدفعني للاجتهاد بدون حافز؟\”.
الصناديق التنموية من أدوات بناء المستقبل التي لا تناسبها شطارة الماضي الشعبية بقدر ما تحتاج لتطبيق قاعدة الأعمال العلمية (Win – Win) والتي تشترط التخطيط والتنفيذ بمنطق الفوز للجميع وهي القاعدة الدينية المنسية، لذلك عندما يطبق صناع المستقبل التنموي أساليب الماضي ويظنون أنهم الفائزون ولا يهتمون بأن يكون الآخرون هم الخاسرون، تجدهم دوماً يكتشفون متأخرين أنهم فاشلون ولكن لا يعترفون.
القضية تتمحور في الطريقة التي يتم بها التمويل للأفراد، فما عليك سوى عمل دراسة مختصرة لها مختصون يقومون بإعدادها، إحضار كفيل غارم لتعطى القرض دون التأكد من التنفيذ أو جدوى الدراسة لأن المبلغ مضمون بالكمبيالة. لابد أن نجتهد في تخطيط أعمال قابلة للتنفيذ من قبل أفراد طموحين، يتابعها مختصون للتأكد من استمرارها بغرض نجاح الشاب ومن ثم تسديد مبلغ القرض، ولفعل ذلك لابد أن نحفز الشركات والمؤسسات على القيام بمثل هذه الأعمال لكي يقوموا بعمل تلك المتابعة لأن الغرض هو التنمية وليس الدعاية.
الأهداف التنموية تحتاج إلى أفكار مبتكرة لتحقيق الغاية المنشودة وليس الاكتفاء بالأساليب القديمة والتي تهتم بالكم وليس بالكيف بالرغم من تدني نتائجها، ولتشجيع العاملين على صرف تلك المليارات لابد من تحفيزهم من خلال فائدة معقولة من جنس العمل بحيث يهتم المسؤول في الصندوق بتنفيذ برنامج أو قرض بطريقة مدروسة يتابعها إلى مرحلة النجاح، بهذا نكون قد حققنا أهدافاً متعددة وأصبح الجميع فائزين.
بدون التحفيز والابتكار سوف يحتار التاجر الوطني ومعه ذلك الشاب الطموح الذي لم تخدمه الظروف على التحصيل العلمي في كيفية خلق توليفة تنمية تفيدهم ومعهم الوطن، وأثناء حديثهم تظهر أمامهم في الأفق لوحة كبيرة مكتوب عليها \” نحن القادمون بالشهادات من الغرب، ماذا سنعمل؟\” فينظر الشاب محدود التعليم إلى التاجر الذي يتعاطف معه ولسان حاله يقول له \” تكفى شوف لي حل\” وكلاهما يعرف أن الحل يكمن في الدعم المادي غير العشوائي الذي يحول تلك المليارات التي دُعمت بها الصناديق إلى صروح تنمية حقيقة وليست وهمية تحول وسيلة التنمية البشرية لتصبح أداة تعاسة وضياع بسبب سوء التخطيط وانعدام الحافز الذي يجعل الاهتمام فقط بخروج التقرير وفيه الملايين المصروفة، ومن ليس له ظهر من المتورطين يدفع عنه الكمبيالة للقرض الذي أعطي له بدون عناية سوف تسأل عنه لتعرف أنه من المتعثرين إن لم يكن أصبح سجيناً.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *