صباح إذاعة القرآن الكريم
د. تهاني سعيد الحضرمي
نعلم جيداً أن التطور سمة من سمات العصر الحديث ونعلم أيضاً أن الإيقاع السريع للحياة بات يفرض بعض التفاصيل الدقيقة التي يجب على المرء أن يأخذها بعين الإعتبار حتى يتسنى له البقاء في دائرة الضوء أوعلى الأقل يمكنه الدخول في قائمة السباق.
ولكن ما لا نعلمه أن المحافظة على الخصوصية أصبحت بدون قيمة ، بل وأن الهوية قد تتحول في يوم ما إلى عبارات ورقية.
كل صباح وأنا متوجهة إلى مقر عملي يبدأ يومي مع إذاعة القرآن الكريم وبرنامج (بك أصبحنا) فمن الأفضل للسائق الذي يقود السيارة أن يُنصت إلى الأذكار بدلا من الشتم والمشاجرات وسط الإختناقات المرورية والكل يريد أن يصل قبل الآخر إلى عمله ،
وحقيقة لقد فوجئت يوم الثلاثاء الموافق 3 /6 /1433هـ وأنا أستمع إلى مشاركة إحدى الفتيات التي بدأها المذيع بالتحية (صباح الخير) لتُجيب وتقدم مشاركتها التي لا مثيل لها عن الأيدي البيضاء!!
تعجبت كثيراً من الأسلوب الذي تم طرح المشاركة به ، وتعجبت أكثر من ذلك المذيع الذي نسي أنه يمثل إذاعة القرآن الكريم وهو يحمل رسالة إلى العالم بأسره من أطهر بقاع الأرض ولم يتذكر أن تحية الإسلام هي \”السلام عليكم ورحمة الله وبركاته \” ألم يكن بمقدوره طرح الموضوع ؟! ما هذا يا إذاعة نحسبها للقرآن الكريم ؟؟ أين المشرف والمعد والمخرج ؟ أين المنصتين الذين يتابعون هكذا برنامج يُخجلنا أن نستيقظ على إبداعاته!
صحيح أن هناك برامج أخرى في الإذاعة ذاتها يتم فيها استقبال بعض المداخلات والاستفسارات لأصوات نسائية يرغبن التفقه في الدين ويُثرين العقل بتجاربهن وتفاصيل مشاكلهن لأخذ العبرة والعظة والاستفادة وليس لزيادة عدد المتصلات والمفاخرة بكثرة المشتركات!!
وبما أن الشيئ بالشيء يُذكر!! تذكرت مقولة (لا تركب القطار وهو يتحرك)!! والتحليل المنطقي لها بأنك عندما تركب القطار وهو يتحرك ، يعني أنك قد فشلت في تنظيم وقتك وأنت الآن تركض في الوقت الضائع وبالنسبة لي هذا ليس فشلاً في تنظيم الوقت فحسب!! بل هو فشل أعظم في اختيار التوقيت الصحيح وسوء تقدير لعواقب أمور كثيرة!!
إن التعامل بحزم مع هكذا هفوات ، قد يعتقدها البعض توافه أو مجرد تعليقات مزعجة، هي في الواقع ضوابط تحترم خصوصية القيم وتخدم مبادئ لا غبار عليها ، فالفوضى في مجرد التقليد الأعمى ومحاكاة الآخرين دون تفكير يقودنا إلى فقدان الهوية والضياع.
تماماً مثل ذلك الذي يجري كي يلحق بالقطار بعدما تحرك!! فقد تسقط منه أغراضه وقد يتعثر في طريقه وربما فاته القطار بعدما أنهكه التعب والإرهاق!!
والفرق واضح كما يقولون بين صاحبنا المتأخر الذي فقد الكثير من ثقته بنفسه ، والآخر الذي ركب القطار في موعده وهو على يقين تام بأنه وصل في الوقت المناسب!!
•• قطر:
لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات. (جون تشارلز)
العنوان البريدي:
مكة المكرمة ص. ب : 30274
الرمز البريدي : 21955
البريد الإلكتروني [email protected]
التصنيف: