[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

نحمد الله الذي جعل لنا مواسم نتقرب بها لله عز وجل .فيغفر الذنوب ويرفع الدرجات فهو الذي حكم وقدر .وشرع فيسر .ولا يزال سبحانه وتعالى يفيض على عباده بأنواع من البر والبركات والخيرات .فقد كان رسولنا الاعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه الكرام البررة هم السابقون الى البر والتقوى وفعل الخيرات والمبرات .كانوا يحافظون على الطاعات في جميع الاوقات ويخصون اوقات الفضائل بمزيد من القربات فالامر بعبادة الله واجب مفروض على كل مسلم ومسلمة في جميع مراحل وادوار حياتنا لقوله تعالى : \” واعبد ربك حتى يأتيك اليقين \” فنحن ليس لنا من حياتنا غاية دون الموت ولقاء الوجه الكريم هو وجه الله سبحانه وتعالى .فينبغي علينا كمسلمين وموحدين ان نخص مواسم الخير بمزيد من الاهتمام والاجتهاد خاصة ان الله تعالى جعل لنا مواسم للعبادة تضاعف فيها الحسنات اكثر من غيرها .من الهدى والفرقان .فياله من موسم عظيم الشأن .فقد دخل علينا ضيفا كريما مباركا ووافدا كبيرا بعظمته وحرمته وحسناته وخيراته ما يجعلنا نستقبله بالغبطة والسرور ونشكر الله اذ بلغنا اياه ..ونسأله ان يعيننا على العمل الصالح فيه .ونطلب من الله ان يتقبل منا صالح اعمالنا ..فقد كان رسولنا الاعظم سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله ببلوغ رمضان ..فكان اذا كان دخل شهر رجب
قال : الهم بارك لنا في رجب وشعبان وكان السلف الصالح يدعون الله ان يبلغهم رمضان فإذا بلغهم اياه دعوا الله ان يتقبله منهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يبشر اصحابه بقدوم هذا الشهر العظيم فقد قرأت عن ابن خزيمة والبيهقي وغيرهم عن سلمان رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : ( يا أيها الناس لقد اطلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة القدر خير من الف شهر .جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه .ومن ادى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر .والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزداد فيه الرزق ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار .وكان له مثل اجره من غير ان ينقص من اجره شي ، قالوا يا رسول الله : ليس كلنا ما يجد ما يفطر به الصائم ، قال رسول الله : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ، ومن سقى صائما سقاه الله عز وجل من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة .فشهر رمضان اوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار .فاستكثروا فيه من اربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة ان لا اله الا الله وتستغفرونه واما الخصلتان اللتان لا غني بكم عنهما فتسالون الله الجنة وتعوذون به من النار .
في هذا الحديث الشريف يبين لنا نبينا الكريم فضل هذا الشهر وما فيه من الخيرات وحثنا عليه الصلاة والسلام على الاجتهاد فيه بالاعمال الصالحة من فرائض ونوافل ومن صلوات وصدقات وبذل معروف واحسان ، وصبر على طاعة الله وعمارة نهاره بالصيام ، وليله بالقيام واجتهاد في الدعاء والذكر وطلب ليلة القدر التي هي خير من الف شهر .فلا بد من تقوى الله وبذل المساعدة للفقراء والضعفاء والمعوذين فلا نضيّع الاعمال الصالحة بالغفلة أو الاعراض .كحال الاشقياء الذين نسوا الله فانساهم انفسهم فلا يستفيدون من مرور مواسم الخير عليهم .ولا يعرفون لها حرمة ولا يقدرون لها قيمة .فيا ايها الغافل والعاصي واللاهي والمعرض اتقي الله وتب الى الله وانتبه لنفسك واستقبل هذا الشهر الكريم بالاقبال على الله سبحانه وتعالى فإن الله يغفر الذنوب جميعا ، فلا بد علينا ان نداوم على التوبة والاستقامة لعل الله سبحانه وتعالى ان يختم لنا اعمارنا بالسعادة ، ولعلنا نكتب في هذا الشهر من جملة العتقاء من النار .فهذا الشهر الكريم تفتح فيه ابواب الجنان وتغلق فيه ابواب النيران ويصفد فيه كل شيطان فاكرموه واحمدوا الله على بلوغه ، هناك مما يؤسف له انواع من الناس لا يعرفون هذا الشهر الا انه شهر لتنويع المأكولات والمشروبات فيبالغون في اعطاء نفوسهم ما تشتهيه ويكثرون من شراء الكماليات التي لا داعي لها ونحن نعلم ان الإكثار من الاكل يكسّل عن الطاعات وللاسف الشديد ان هناك بعضاً منا لا يعرفون شهر رمضان الا انه شهر النوم والبطالة فهو طيلة النهار نائما حتى عن الصلاة ، والبعض الآخر لا يعرف رمضان الا من خلال السهر واللهو واللعب ومتابعة المسلسلات فاذا فرغ نام حتى عن الصلاة وهناك من التجار لا يعرفون شهر رمضان الا من خلال عرض السلع فينشطون للبيع والشراء ويلازمون الاسواق ولا يحضرون المساجد او التراويح او التهجد فصار رمضان عندهم موسم للدنيا لا للاخرة يطلب فيه العرض الغالي ويترك النافع الباقي عند الله ، وهناك صنف آخر لا يعرف رمضان الا من خلال التسول وجمع المال وخداع حواس الناس حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في هذا الشهر اكثر مما يجتهد في غيره بل كان يتفرغ فيه عن كثير من المشاغل ويقبل على عبادة ربه ، قال الزهري رحمه الله : إذا دخل رمضان انما هو تلاوة القرآن واطعام الطعام .وكانوا يحرصون على الجلوس في المساجد ويقولون نحفظ صومنا ولا نغتاب احدا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر ما تقدم من ذنبه .فلنتقي الله ولنرجع إلى الله بقلوب طائعة خاضعة ولنحافظ على صلواتنا ونكثر من الطاعات والبر والإحسان فالوقت يجري دون حساب ولا نعلم فيه عن ساعة الوداع ، فالتوبة الى الله والاستغفار والنوافل هي من الطاعات التي يجب ان نضعها امامنا في كل وقت فراغ وفي كل موسم عبادة .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *