شهامة الخواجة بيتر برك
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد أحمد عسيري[/COLOR][/ALIGN]
علمتُ مؤخرا أن الناقد المصري الكبير الدكتور فاروق عبدالقادر يرقد في غيبوبة تامة تحيط به عناية الله بعد رحلة معاناة عاشها مع التهميش لأنه فقط أراد أن يكون حرا يكتب بضمير. الناقد الكبير صاحب ترجمة (النقطة المتحولة، والمساحة الفارغة) لبيتر برك لازمه التهميش حتى وهو يصارع المرض فلم يجد الرعاية الصحية اللازمة – وهو الذي عاش وحيداً طوال حياته – حتى ساءت حالته الصحية ونقل أخيرا لمستشفى القوات المسلحة الذي مازال يعتني به. لا تستغربوا كل هذه المعاناة والشقاء الذي مر به الأديب الكبير فهو مصير معتاد بات مألوفا لدى كل المثقفين.. يا حصرة عليهم.
المثير للدهشة أن يأتي الكرم من الغريب، من البعيد مكاناً، ودماً، وعروبة، وديناً، أتت الشهامة من الكاتب (بيتر برك) الذي ترجم له الدكتور فاروق أعماله الكاملة فهذا الأديب الشهم عندما طُلب منه التنازل عن حقه في طباعة كتبه المترجمة لصالح المترجم المريض بعث على الفور بالموافقة دون تردد وكأنه يعترف بالفضل الكبير الذي أسداه له الدكتور فاروق نظير تعريف العرب بمؤلفاته .. بينما ساحتنا الثقافية العربية تقف مكتوفة متفرجة على حال مثقفين يتهاوون لايسمعون سوى الوعود والتصاريح التي لم تعد تغني.
قد تكون معرفتي بهذا الأديب مجرد ومضة ولكن حياته جديرة بالمتابعة فهو من وجهة نظري صورة طبق الأصل لأديبنا الكبير عبدالله عبدالجبار صاحب الإبداعات القصصية (العم سحتوت، وساعي البريد) والأعمال النقدية والذي ظلت أعماله تائهة لولا النبلاء من المهتمين بالشأن الأدبي. ولو تساءلنا عن الأديب لوجدناه مُغيباً عن المشهد الثقافي وغير حاضر حتى على مستوى فئة الناشئة من خلال المراحل التعليمية هو وغيره من الوجوه الثقافية التي هجرناها حتى سكنت كهف النسيان. الناقدان الكبيران برغم اتساع الأفق بينهما إلا أن الوحدة ظلت عاملا مشتركا جمعتهما في زمن الجحود.
قد تحين الفرصة لأتحدث عن أستاذنا عبدالجبار في وقت لاحق أما الدكتور فاروق فيبدو أنه محظوظ بوجود برك على قيد الحياة حتى يقف إلى جانبه في هذه المحنة.. أليس من العيب أن يتساقط مثقفونا بهذه الطريقة الهزلية؟ سؤال أتركه بلا تقييد لعل الأيام تأتينا بإجابة شافية وافية، فما يحدث أمر محبط يجعلنا نردد صبح مساء.. بلا ثقافة بلا هم.
التصنيف: