شركة الكهرباء .. « عادت حليمة لعادتها القديمة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت بن طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]
** في أول من أيام صيفنا الحالي ( الاثنين ما قبل الماضي 21 يونيو ) عاشت كبريات المدن السعودية شيئا مذهلا, فقد تفاجأ الناس باصطدامهم – وجها لوجه – ومن اللحظة الأولى بطقس لاهب غير مسبوق, وكأن صيفنا هذه المرة أراد أن يبتدرنا بـ \” هجوم مكثف من كل الاتجاهات\” بلغة أهل كرة القدم, وإذا كان الصيف كما هو معرف يبدأ من 21 يونيو وينتهي في 22 سبتمبر في البلاد الواقعة شمال خط الاستواء, فأن معنى ذلك أننا سنعيش ثلاثة أشهر بالتمام والكمال وسط طوفان هائل من الحرارة القاسية, أعان الله الجميع .
** في ذلك اليوم – يوم الاثنين – عاش سكان جدة \” يوما جهنميا \” .. لامست فيه درجة الحرارة الرقم \” 51 \” .. وفي المدينة المنورة عانقت الرقم \” 60 \” .. وفي الدمام والاحساء وصلت الى \” 50 \” فيما قال مواطنون أن أجهزة قياس الحرارة في سياراتهم قد سجلت الرقم \” 52\” .. وفي الرياض, ومكة المكرمة, والقصيم وغيرها بلغت الحرارة أرقاما قياسية أيضا, وأظنها من المرات النادرة التي تتفجر الحرارة فوق أدمغتنا بهذا الغضب, وكل ذلك يؤذن – فيما يبدو – بصيف مشتعل, ولن يكون المنقذ بعد لطف الله, سوى أجهزة التكييف هذه التي نحن بأمس الحاجة إلى أن نقذف بأنفسنا تحت هديرها, ونظل أسارى تحتها جميع ساعات النهار والليل .
** اللافت أن حالة من النكد قد شاركت في \” الحفلة \” وهذا النكد لم يكن سوى المعضلة السنوية المعتادة – انقطاع للكهرباء في أكثر من مكان – وجاءت عدة أحياء سكنية في مكة المكرمة لتسجل الأسوأ, حتى أن الصحف المحلية قد نشرت صورا لطلاب يستعدون للاختيارات تحت أضواء الشموع, فيما لاذ عددا من الناس بالشقق المفروشة بحثا عن نسمة \”مكيف\” باردة .
** الجهات الرسمية المعنية راحت تتقاذف المسؤولية, وعمدت كل جهة إلى \” زحلقت \” التقصير في قطوعات الكهرباء إلى الجهة الأخرى في مشهد كاريكاتوري ضحك له الكثيرون, و\” شر البلية ما يضحك \”.
** وزارة المياه والكهرباء حضرت بقوة في هذه \” الحفلة \” التراجيدية, ولكن من الباب الضيق, وبالصورة المخجلة , فكما سجلت من قبل سلسلة إخفاقات عريضة في مسألة انقطاع المياه عن الكثير من المواطنين, جاءت هذه المرة لتعلن فشلها أيضا في الاستعداد الصحيح للصيف بكميات كافية من الطاقة الكهربائية, وكأنه تنقصنا المادة أو العقول , بينما البلد ولله الحمد يعيش بحبوحة من الخير ويعج بالكفاءات .
** الطريف أن وزارة المياه والكهرباء كانت أعلنت قبل أيام عن زيادة \” التعرفة \” الكهربائية للقطاع التجاري والصناعي والحكومي, أي قبل قليل من موجة القطوعات التي أصابت الكثيرين بالتذمر, واعترف وقتها عدد من الصناعيين بأن زيادة تعريفة الكهرباء الأخيرة ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف على المصانع المحلية من 3 – 5 في المائة ، وأن من ما سيدفع الفاتورة هو المستهلك على حد قولهم .. بمعنى \” أن السقيفة لن ستتخرق إلا على رأس الضعيفة \” .. وأن جيوبنا – نحن المواطنين – ستظل كالعادة هي \” الغارمة \” في كل الأحوال .
** انقطاع الكهرباء في هذا الصيف اللاهب أصاب المتضررين بمتاعب نفسية هائلة, ويكفي أن تتخيل نفسك ساعة الظهيرة أو في أنصاف الليالي بدون كهرباء في هذا الجو الذي لا يطاق .. كما أن لعنة الانقطاعات قد ألحقت خسائر فادحة أيضا بقطاع الصناعة وقد توقع خبراء اقتصاديون أن تبلغ الخسائر 3 مليارات ريال في حال استمرار الانقطاعات، حسبما ذكرت صحيفة \”اليوم\” السعودية, يوم 26 يونيو 2010 .
** شركة الكهرباء عندنا – وكالعادة – \” تغرد لوحدها خارج السرب \” ولم تعد فيما يبدو تكترث بأية انتقادات لخططها \” السلحفائية \” .. ويبدو أنه فعلا \” لا حول لها ولا قوة \” .. بعد أن فشلت مرارا وتكرارا في إعداد الخطط الإستراتيجية الكفيلة ببناء منظومة خدمة فاعلة للطاقة كما هو حال البلاد المتقدمة, فجاءت المرارة منهمرة على رؤوس المستهلكين من المواطنين العاديين وكذلك على إخواننا من الصناع .
** هل ما تفعله معنا شركة الكهرباء, يمكن أن يتطابق مع المثل العربي المعروف \” حليمة عادت لعادتها القديمة \” .. ؟
التصنيف: