شرعنة الانتقام .. مسؤولية من؟

• بخيت طالع الزهراني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

•• لو أن مواطناً انتقد موظفاً في البلدية مثلاً، أو شكاه الى رئيسه، فهل يعني ذلك أن ذلك المواطن قد وقع في شرّ أعماله، وأنه صار \”هدفاً\” لذلك الموظف بأن يكيد له ويترصده، وبالتالي يحاول تعقبه والانتقام منه، وذات الأمر ينطبق على من يشتكي عسكرياً في الشرطة، أو معلماً في مدرسة، أو حتى حارس أمن في شركة، أو صحافياً ينتقد إدارة من الإدارات أو حالة من الحالات الاجتماعية.
•• هل أولاً هذه الحالة موجودة عندنا في المجتمع، وكم هي مساحتها وهل صارت بمثابة ثقافة لدى كثير من الناس الذين لا يرضون أن (ينش) أحداً ريشه أمام أنوفهم، وإلا فإن اللعنات والويل والثبور عليه وعلى (الذين خلفوه).. وبالتالي فإن على من وقع عليه الظلم أن يغلق فمه، ويرضى بالمهانة ويؤثر السلامة بسكوته على الحيف على مضض.
•• تذكرت كل ما تقدم وأنا اقرأ تقريراً في (الوطن) يوم الأربعاء 21 رمضان 1433هـ وفيه تصريح لنائب هيئة الدواء والغذاء، الدكتور ابراهيم المهيزع، والذي أعلن فيه أنه وزملاؤه واجهوا تهديداً من قِبل أحد مصانع المياه، لأنهم ضبطوا مخالفة صريحة في المواصفات القياسية، موضحاً أنهم لم يواجهوا ضغوطاً فقط بل وصل الأمر إلى التهديد!!

•• وأتذكر كذلك ما يقوله لي أحد الأصدقاء عندما يسير بسيارته في الطريق السريع بجدة، ويتجاور من شماله ومن خارج الخط الأصفر الممنوع نظاماً بعض المتهورين، فيشير لهم بالأنوار العالية علامة على استنكاره لفعلتهم تلك، ثم ما يواجهه ذلك الصديق من كيد وتربص من أولئك الرعناء، وقد يصل الأمر إلى أن يبطئ أحدهم من سرعته ويعلن تمرده وتحديه، بل واستعداده لللنزول لـ\”المضاربة\” ومعنى ذلك أن أحدنا يظل ساكتاً على رعونة أولئك، متحملاً لطيشهم، وإلا دخل في عراك معهم.
•• واختصاراً لوقت من يقرأ هذه السطور، فإن السبب في تنامي هذه الحالة وتحولها إلى ظاهرة، هو الأنظمة الموجودة في المجتمع، فهي التي جعلت هذا وذاك يعمل ما يشاء (على مزاجه) وإلا فإن التهديد والحرب النفسية وما هو أكثر منها هو مصير من يعترض طريقهم، ويحاول ايقاف عبثهم، ولو عرف أولئك أن الأنظمة هي الأنظمة، لما تجرأ، ولفهم أن سين أو صاد من الموظفين يمكن أن يطبق على المخالف النظام أياً كان.
•• وجود الواسطة والمحسوبات والشلليات، وغياب الشفافية والنزاهة تؤدي دائماً إلى \”تدليع\” نفر من الناس على من يطبق النظام، فيتجرأ عليه، لأنه يعرف تماماً أنه سيمرر مخالفته تلك من ثغرة معينة هو يعرفها تماماً، وهو متأكد منها، ولذلك فهو يتمثل موقف القوة، أو أن شئت \”البلطجة\” ليكون هو فارس الميدان، وصاحب الكلمة والقرار.
•• إن تفشي هذه الظاهرة نذير شؤوم، وعلامة خطر شديد على المجتمع كله، لأنها انكار للحق، ودليل على رعاية الظلم، وهي ترجمة لمشاعر الكِبر \”بكسر الكاف\” والتعالي، وإشارة لتأسيس ثقافة رفض العقوبة الصادقة، ولذلك يجب على من بيده الأمر الانتباه إلى هذا الداء الخطير الذي يمكن أن يكون دودة خبيثة تنخر جسد الأمة لا سمح الله، وتؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل.
•• ويظل السؤال المهم جداً.. شرعنة الانتقام والتهديد.. مسؤولية من؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *