شحن النفوس ..
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي خالد الغامدي[/COLOR][/ALIGN]
* هناك أشخاص جاهزون دائماً لاثارة القلوب، وشحن النفوس بحيث تتصادم هذه القلوب، وتتطاحن هذه النفوس دون أن تكون هناك حقائق ثابتة تتطلّب هذا الشحن، أو تستنفر هذا العداء، وإنما هي مجرد شائعات ونميمة يتم توظيفها توظيفاً خبيثاً من قبل هذه الفئة – المريضة – وتشعل العداء في قلوب، ونفوس من يستقبلها، ومن يُصدقّها فتكون النتيجة الحتمية أن تُصبح القلوب متباعدة، والنفوس متوترة فقد امتلأت بالصدمات مما يقوله الآخرون عنا من خلال كلمات، وعبارات لا تتناسب، ولا ترقى لما نحمله لها من مكانة، وقيمة، وصدق، وما نقوله نحن عنهم من كلمات، وعبارات قاسية، وصادمة، ولا أساس من الحقيقة بين الطرفين.
يقول أحد الفلاسفة أن أسمى درجات التفاؤل أن يرد الإنسان على شخص أبلغه بأن فلاناً من الناس يكرهه بقوله: أن لا أصدق ذلك لأنني أحبه؟
والتفاؤل هو أن ترى الناس من حولك بعين واحدة، وتسمعهم بأذن واحدة، وتتكلم معهم بأربعة أو خمسة ألسنة..
تراهم بعين واحدة فلا تكتشف النقص الذي فيهم، أو السوء الذي يحيط بهم، أو الضعف الذي يلازمهم فيجعلهم يلبسون عدة أقنعة لتغطية هذا الضعف ومداراته .. وتسمعهم بأذن واحدة فلا تتمكن من معرفة المكر، والخبث، والحقد الذي يدور في رؤوسهم، وصدورهم ..
وتتكلم معهم بأربعة، أو خمسة ألسنة فتغير في كل مرة لساناً بلسان بحيث يكون اللسان المناسب في الوقت المناسب..
وتفسير \”اللسان المناسب في الوقت المناسب\” يعني أن تجعله ليناً، مطيعاً، مسايراً، مرناً، وعليك أن تدرك العلاقة الدقيقة بين اللين، والطاعة، والمسايرة، والمرونة! والجملة الشهيرة التي تقول إن المتفائل هو الذي يرى نصف الكوب مملوءاً، \”عكس المتشائم الذي يرى نصف الكوب فارغاً\” تجعل مهمة المتفائل أمام امتحان صعب باستمرار مع نفسه من جهة، ومع غيره من جهة، أولاً لكي يُحافظ على اتزانه، وتوازنه، وثانياً لكي يحافظ على ابتسامته في لحظات الشدة، والقلق، والخوف، وثالثاً لكي يظل في الصورة مع الآخرين يحاورهم ويحاورونه، ورابعاً ليثبت أنه استوعب درس الفيلسوف، واستفاد من الجملة المشهورة، وخامساً وسادساً وسابعاً لكي يصل للهدف الأساسي من كل هذا اللف والدوران الفلسفي وهو أن الحب خير من الكراهية، والتفاؤل خير من التشاؤم، ورؤية نصف الكوب مملوءاً أفضل كثيراً من رؤيته فارغاً !!
التصنيف: