[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

إن حياتنا المعاصرة في اتجاهاتها المادية البحتة وشدة التنافس والتزاحم والتحدي. جعلت الإنسان يعاني عموماً من اضطرابات انفعالية لا تُحصر حتى أن هذا العصر رغم تقدمه المادي التكنولوجي الذي حققه الإنسان في الأرض وفي الفضاء قد أصبح يُدعى (عصر القلق) أو (عصر الاكتئاب) أو كما نقول اليوم (عصر التوتر).
كل هذه الأسباب تجعل الإنسان في أمس الحاجة إلى رعاية نفسية تخفف ضغوطه وتقلل توتره وتُساعده على بناء حياةٍ أقل فكراً وجهداً وتوتراً. فليس صحيحاً أن الرجل يجب أن يتزوج المرأة الغبية. بل إنه يحب المرأة الذكية والتي تستطيع أن تتظاهر بالغباء في الوقت المناسب. وهذا التظاهر هو مظهر من مظاهر الذكاء الأصيل. كما أن المرأة لا تُحب أن تتزوج الرجل الضعيف أو عديم الشخصية بل إنها حقاً تُحب الزوج القوي الواثق العصامي الذي يحترمها بأدب ويصونها بقوة ويكون فخراً لها.
ليس الغبيُ بسيدٍ في قومه لكن سيد قومه المتغابي
اليوم انعكست هذه المظاهر على حياة الشباب وأوجدت لديهم عدم القدرة على الانسجام والتكيف مع هذه الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية. وأوجدت جيلاً متردداً وآخر متكيفاً ونوعاً ثالثاً مرفهاً.. مما انعكس على سلوكه وتفكيره وشخصيته فتعددت مع مظاهر السلوك قواعد الاستقرار والرأي السديد والاتجاه السليم. فكثرت السلبيات وقلت الإيجابيات في حياة الشباب اليوم. وأصبح مظهر التردد والتقلُّب سمة من سمات شبابنا. فاليوم يحب وغداً يكره. واليوم يخطب وغداً يفسخ. وغداً يتزوج وبعده يُطلِّق. إنه سلوك يدل على عدم القدرة على اتخاذ القرار والجرأة في تحمل تبعاته. وعندما تسأله عن أسباب هذا الخلع أو الفسخ في فترة الخطوبة لا تجده يعطيك سبباً مقنعاً. فأحدهم يقول إن هذه الفتاة لا تُثيرني! وأستغرب كيف تثيره وهي فتاة مهذبة تعيشُ في بيتها ، فهو الذي يجب أن يُبادر بالإثارة وأسلوب التشويق وأسلوب العطف والرحمة. وآخر يقول: إنها تنسى كثيراً وتُضيِّع الأشياء.. يا سبحان الله!! فهل سُمي الإنسان إلا من النسيان، وهذا عيبٌ أم أنه حاجة وحجيجة. لماذا نخلع على بناتنا أوصافاً وسماتاً لا يقرها الشرع ولا المجتمع ولا الإنسانية. فكل ما لديه هي أسباب واهية وغير جوهرية تجعلُ منه يتخذ قراراً بالخلع أو الطلاق أو الفسخ.
فعلاً إن أبناءنا يختلفون عنا مائة وثمانين درجة. كنا بالأمس نتحرّج عندما نذهب لخطبة فتاة ونفكر مرة وألف مرة عند لقائها لأول مرّة بقصد الخِطْبة؟ وكنا نقول للوالدة أكثر من مرّة تأكدي أن هذه الفتاة مُطابقة للمواصفات قبل أن نذهب إليها حتى لا نتسبب لها في إحراجٍ نفسي أو نُسيء لشخصها عندما نخرج بقرارٍ يُفيد عدم التناسب! فالشاب منّا يتأثر أشد تأثير من لقاء خطيبته ولا يُقْبِل على مثل هذا القرار إلا بعد الحرص على أنها هي زوجة المستقبل. فالزواج لدى أجيالنا التي عِشْنَاها يمثل قيماً مقدسة ورؤى بعيدة أهمُّها الإنجاب والاستقرار والرعاية والاهتمام والرحمة والسكن. كانت الزوجة تحظى باحترامٍ وتقديرٍ ومحبة. وهي الحاكمة الناهية في بيت زوجها فهي الشريك المتضامن في السراء والضراء وهي الملكة في بيتها وهي كما كان يقول الوالد: ست البيت. وأمُّ الأولاد. هي التي تمنح العطف والحب للجميع. وهي آخر من يفكر في حقوقها. تُعطي ولا تأخذ. تبني ولا تهدم. ترى في زوجها القوة والشجاعة والشهامة والعزة. فهو الذي يعزها ويصونها ويحمي حقوقها. وهو الذي يفخر بها أمام أبنائه وأقربائه ومجتمعه. فهي صاحبة الفضل دائماً في إدخال السعادة والحيوية في حياة بيتها وأبنائنا.
أما اليوم فللأسف الشديد ترى عدم الاستقرار والتهديد بالطلاق سمة مميزة لزواج أبنائنا. فالزوجة في كل يوم مُهددة بالخروج من المنزل وأخذ الأبناء منها. حقاً تعددت الأخطاء والطلاق قائم. فتشعر الفتاة في شهر العسل بعدم الاستقرار والراحة وتفقِد أهم سبب للعطاء والاستقرار وهو الأمان في ظِل الحياة الزوجية فهي تعيشُ حالة قلق وعدم استقرار وخوفٌ مترقب من كل واردة وشاردة. أولادنا لا يعرفون قيمة حقيقية للحياة الزوجية المقدسة فهم لا ينظرون إلى الزوجة بأنها الشريك في السراء والضراء ولكنهم ينظرون إليها بنظرة أقل أهمية وأنها تابعة وأنها أقلُّ من الرجل وأن شخصيتها يجب ان تذوب في شخص الزوج المُهيمن على كل كبيرة وصغيرة وهذا هو الذي اكتسبه الأبناء وورثوه عن آبائهم وأمهاتهم. فأحياناً نرى سمة الضرب أو أسلوب الشتم أو الطرد أو تعدد عدد الطلقات أو التهديد بالحرمان من الأبناء مهما كان مستواها العلمي فهي تعيشُ في ذُلٍّ وإهانة. فعلِّموا أبناءكم احترام الآخرين وتقديس الحياة الزوجية وحُسن الاختيار فالنساء شقائق الرجال لا يكرمهن إلا كريم . فالتعليم من خلال المُعاشرة في الأسرة يمنح الأبناء ثقة في التعامل مع الآخرين فالأب هو القدوة الصالحة يُكتسب منه ويؤخذ عليه فكُلَّما حسُنت معاملة الأب للزوجة حسُنَتْ معاملة الأبناء لزوجاتهم وأماتهم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *