[ALIGN=LEFT][COLOR=darkblue]انس الدريني [/COLOR][/ALIGN]

منذ أن صفعته الأيام والانكسارُ يحاصر مشاعره ويقتله في اليوم سبعين مرة انه بائسُ لم يحظ بتقدير مسؤولي شركته عندما أصابه عارض صحي أقعده عن العمل، أحد مسؤوليه كان يحيك له الدسائس ويتعمد إيذاءه يريد أن يصنع منه قنبلة موقوتة يسخرها لرغباته المشؤومة بيد أن هذا الشاب المستهدف عرف قيمة وطنه وفطن للعبةِ هذا الوغد وراح يطأ كل الجراح ليسمو فوق مواضع الألم لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
وتمضي الأيام ويكرمه الله بعد سنوات الصبر بالفرج المبين اليوم يبدو بشعور مختلف يحب الوطن للوطن تجده في صراع مع الأحداث يتابع يُحلل يَنقد و دائماً ما يحيل جلساته اليومية مع الأصحاب إلى محاضرة عريضة عن حب الوطن والتفاني من اجله. لديه أمل كبير لنصبح في يوم من الأيام في مصاف دول العالم الأول بل ونكون وجهة لدول العالم كافة فكل الظروف مواتية لذلك إذن ما الذي يمنع.
وهكذا كلما كبر حب وطنه كبرت رغباته الصادقة لكن واقع الحال كان ولازال يعانده تحت كل الظروف. إذا جلس في مجلس للحديث عن وطنه تجهمت وجوه الحاضرين، إذا سار في أحد شوارع مدينته رأى بأم عينيه كيف أن أفراد مجتمعه لا يعيرون نظافة مدينتهم أي اعتبار يراهم يقذفون بقايا المشروبات دون اهتمام بالنظافة وآداب الطريق.
على بُعد قريب من منزله المتهالك مساحة شاسعة تقارب الـثلاثين ألف متر مربع يملكها أحد موظفي الحكومة لا يتجاوز مرتبه الشهري بضعة آلاف من الريالات هو يعرف جيدا أنه حصل عليها من دون وجه حق إذن كيف لموظف عادي أن يملك كل هذه المساحة والتي بالإمكان أن تؤمن سكن عشرات الشبان الذين يقفون منذ أمد بعيد عند بوابة أحلامهم المنتظرة .إنه يرى كل صباح كيف يقطع الناس إشارة المرور ضاربين بعرض الحائط أنظمة المرور والسلامة،و يرى كيف يشوه جمع من المراهقين الجدران والمناظر الجمالية التي تتوافر عند ساحل البحر كلما ذهب للاستجمام والاستئناس بالبحر. و يشاهد عند مراجعته لأحد دوائرنا الحكومية كيف يتعالى الناس على النظام ولا يعيرونه قدرا من الاهتمام والاحترام حتى في ابسط الأمور \”الطابور\” الذي يكفل للجميع حق المساواة والعدل انه يرى بأم عينيه كيف تُحطم آمال الشعوب عندما تدب خطى الفساد الإداري على سكة أحلام الشباب الموعود بالمستقبل الزاهر وكيف يستغل المسئول نواياه الخبيثة ليسرق ليستولي ليبطش ليمارس النهب.
هكذا يمتلئ هذا المحب لوطنه بالصفعات لتكسر مجاديفه عند محطات الانتظار . قالت له أمه ذات يوم عندما رأته مهموما حدٌ البكاء يا بٌني وهل ستغير الأرض بما تفعله تأكد أن الحال لن يتغير حتى يغير الناس ما بأنفسهم من اعوجاج إنها تذّكره مراراً بأن ما نملكه من خيرات لن يفيد ما لم نتغير إلى الأفضل في التعامل واحترام الأنظمة والصدق ومخافة الله.
شخصياً قرأت سيرة هذا الشاب في الخيال قبل أن أسردها وصفاً هاهنا ومنذ كتابتي لأول حرف فيها والسؤال الذي يراودني هل سيعيش هذا الشاب محملا بالآمال أم سيقتله الهم بعد آخر حرف أكتبه في هذا السطر. ؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *