[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] م. أنس الدريني[/COLOR][/ALIGN]

لم يركن فوزي لظروف عدم تعيينه بُعيد إكماله لمراحل دراسته الجامعية ها هو يمتطي سيارته يجوب الطرقات حاملا هذه الأجساد التي تهم بالنزوح متى ما اضطرت للوقوف في طوابير سائقي التاكسي، وعلى الرغم من العناء الذي بدا جليا على وجهه إلا أن عزيمته مازالت تقوده نحو كسب لقمة عيشه متكئا على الأيام لعلها تعوضه شيئا مما قد فات. أسرة فوزي تقبع في أواخر الركب من جراء الديون والمصروفات التي لا تنتهي، لديه من الإخوة ثمانية وأبوه رجل يئن من الوجع.. اضطررت للركوب معه إبان فوات موعد حجزي للسفر بالطائرة لأسأله عن هذا المصير المرسوم بريشة العناء والتعب ليأتي صوته مُحملا بالحزن: لم أجد عملا رغم أني متخرج في كلية فنية وأحسب أن التخصصات الفنية مطلوبة في سوق العمل. يمضي قائلاً: تعبت من البحث والسؤال ولكن بدون جدوى فالوظائف المتوافرة يشغلها العمال الوافدون وها أنا ذا أعمل (كدادًا) وأحمد الله أن متعني بالصحة لأكون قادرا على كسب قوت يومي غير مهتم بشظايا الألسن ونظرات الازدراء.. لمستُ في فوزي أخلاقا طيبة بدت جلية في مبادئه التي يرتكز عليها كلما تحدثنا عن خصوصية مجتمعنا وشؤونه والجميل أن إحساسه بوطنه لم يتأثر بحالته بل على العكس إنه يتمثل حُبه في كل موقف وتجربة
هذه حالة تمثل أنموذجا للآلاف من شباب بلادنا ممن اضطرتهم الظروف لمكابدة الشقاء على حساب الأحلام والآمال.. وأرقبُ قطار العمر يتعدى محطة انتظارهم وقد شارف بعضهم الثلاثين ليجدوا أنفسهم خارج حسابات الزمن ينتظرون أملا ترسمه الأخيلة البعيدة يعود أو ربما لن يعود .. إن إشكالية فرص العمل التي يشغلها الوافدون تمثل قضية شائكة تعصف بمستقبل الأجيال وأمام كل الخطط الاستراتيجية هناك حيرة عارمة من هذه النتائج السلبية.
الجميع يرقب مؤشرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وهي تطالعنا بأرقام العاطلين المطردة ليبقى السؤال الملح: أين ذهبت الوعود؟ ولماذا تزداد وفود العمالة تباعا.. في آخر إحصائية طالعتنا بها المصلحة عبر موقعها الرسمي وبالتحديد في بند الإحصاءات الاجتماعية والسكانية بلغ عدد العاطلين والعاطلات عن العمل بنهاية 1430هـ ما يقارب ( 448547) مقارنة بـ (416,350) في الدورة السابعة المنفذة في شهر شعبان 1429هـ من ضمنهم 44 % من الجامعيين و39% من حملة الثانوية منهم 89 % في مراحل العمر الحرجة، وهناك على الضفة الأخرى عمالة أجنبية تحتل الصدارة في نسب قوة العمل وأبناؤنا يئنون من الحاجة. لابد من حراك فعّال تشارك فيه بفعالية كل القطاعات المعنية بتهيئة أبناء الوطن للانخراط في منظومة العمل, الحل كما قال الدكتور عبدالله الفوزان في مقاله الجميل بجريدة الوطن الأسبوع الفائت عدد (3494) في التأهيل حيث يقول الفوزان نحن فشلنا في إيجاد أسلوب حازم يؤهل المواطن للحصول على فرص العمل التي تحتلها العمالة الوافدة وهي بالملايين, الخلل برأيه يكمن في مجتمعنا الذي يتواجد فيه ما يزيد على سبعة ملايين وافد غالبيتهم يعملون في الفرص المتوفرة لديه قد يكونون أكثر من حجم قوة العمل أصلاً ومع ذلك يعاني شبابنا من البطالة القاتلة.. عجبي.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *