[COLOR=blue]محمد الأنصاري[/COLOR]

منذ فترة من الزمن دعتني الحاجة إلى هدم جزء بسيط من جدار البيت لعمل مدخل، لذلك جلبت ثلاثة أشخاص من جنسيّة آسيويّة معروفين بتجارة الخضار، ولا أعلم لماذا امتهنوا هذه المهمّة مع نحالة أجسادهم، وبعد أن تمّ الاتفاق فجر ذلك اليوم رجعت مع آذان العصر وقد افترش العمّال الأرض وفتحوا فتحة صغيرة جدًّا في الجدار، الأمر الذي جعلني أستغرب وأستنكر من طول العمل الذي لم يتناسب مع النتيجة التي وصلوا إليها، وعند سؤالهم استصعبوا العمل وذكروا أن الجدار مليء بالحديد وأنه يحتاج إلى مدّة أطول، حتى المبلغ المتفق عليه رفضوه وقالوا إنه لا يتناسب مع حجم العمل المطلوب، الأمر الذي أدّى إلى إلغاء الاتفاقيّة أو نقضها على غرار اتفاقيّة \”سايكس بيكو\” المعروفة. وفي مسعى لإنهاء مسألة الهدم وللبحث عن \”وعد بلفور\”، اتفقت مع شخص آخر باكستاني الجنسيّة وبنصف المبلغ على الهدم، فجاء في اليوم التالي فجرًا وما إن دخل وقت العصر حتى رأيته يفترش الأرض بنفس طريقة السابقين ويشرب الشاي ولكن هذه المرّة قد أتمّ عمله بالكامل ودمّر الحائط تدميرًا.
كثير منّا على يقين بأنه عندما يُريد هدم مبنى خرساني كان أو غيره من عمليّات الهدم، يلجأ في ذلك إلى الإخوة الباكستانيين . والعديد من المشاريع الجديدة التي خرجت إلى النور مؤخرًا من طرق وأسواق ومبانٍ لاحظنا أنها تُبنى بسياسة إخواننا الباكستانيين أي بعد هدم القديم، الأمر الذي يتسبّب بعدّة عوائق مثل زيادة تكلفة المشروع بسبب كلفة الهدم، وطول المدّة الزمنيّة للمشروع إضافة إلى نقص العرض وذلك لأن الجديد جاء على أنقاض القديم. تتّبع الدول المجاورة سياسة البناء خارج المدينة مع الإبقاء على الموجود أو البناء بمحاذاة القديم وذلك لزيادة العرض بشكل أكثر، وفي كثير من الأحيان نُشاهد عند زياراتنا السياحيّة رصف شارع جديد بالتزامن مع وجود الشارع القديم أو بناء سوق جديد مع وجود القديم أو مطار أو أي مبنى جديد مع الاحتفاظ بالقديم.
المُراد من القصّة السابقة أن عمليّة البناء والتشييد التي تشهدها الدولة شيء جميل ولكن في اعتقادي الشخصي لا بدّ أن تتم بآلية جديدة، تقوم على أساس بناء الحديث مع ترك القديم ..على الأقل ليذكره التاريخ . والله من وراء القصد.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *