سوق الجنوبيّة عنوان للفوضى

• عبد الناصر الكرت

مع ظهور أي مشكلة كانت يبدأ البحث عن إيجاد الحلول , وهذا الأمر الطّبيعي.لكن غير المنطقيّ أن تستمرّ تلك المشكلة زمنا طويلا دون أن يهتمّ أحد بمعالجتها ! لأن استمرارية أي مشكلة سواء على مستوى فردي أو أسري أو اجتماعي تعني أن هناك خللا مركّبا , مما يؤدّي إلى تفاقمها ويزيد أوارها . وهذا ما يحدث بالضّبط في أسواق الكهرباء بمدينة جدة في كل من الجنوبيّة وسوق غراب وربّما غيرها من الأسواق المشابهة لها ! والموضوع لا يتعلّق ببعض الأدوات التّجارية المقلّدة أو الأجهزة رديئة الصّنع والتي قد لا تدوم لأكثر من أسبوع , وليس الحديث هنا عن الواردات الخطرة التي قد تحدث نتائج سلبيّة لا حصر لها من حرائق والتماسات وصعق ووفيات ونحوها … والتي تضرّ بالمستهلكين , فتلك حكاية أخرى !!
لكن ما نحن بصدده يتعلّق بالفوضى المروريّة داخل هذه الأسواق , فالشّوارع ضيّقة والمواقف غير متوفّرة والحاجة تقتضي دخول الشّاحنات الصّغيرة للتّحميل والتّنزيل بصورة مستمرة , وليس هناك مسارات محدّدة , فالسّير في كلّ الاتجاهات .. مما يحدث تلبّكا مروريّا مربكا في أغلب الأوقات , ووقوف بالسّاعات قبل الخروج من مأزق هذه الأسواق .. فمن يخرج سالما من الاحتكاكات فقد نجا . والمدهش أن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم بل بدأت مع بدايات قيام تلك الأسواق التّجارية . والمَشاهد هناك عجيبة عندما يختلط الحابل بالنّابل , فلا مجال للخروج من عنق الزّجاجة , حيث تسمع المنبّهات المزعجة مع لجبة المتخاصمين وأصوات الباعة وتعليقات المتفرّجين . فكلّ سائق يرى أن له الأولويّة فيطلب من الشّخص المقابل الرّجوع للوراء ليتمّكن من العبور . ومعنى ذلك أن ترجع كل السّيارات المرتصّة خلفه .. ولا يتم ذلك بسهولة لضيق الشّوارع وازدحام السّيارات وكثرة التّقاطعات . وتزيد الأزمة عندما يعتقد كل شخص أن الحقّ له دون غيره وما عليه سوى التّقدم للأمام , مما يحدث الخصومات ويزيد في الإرباك.
وأحيانا يترجّل بعض الأشخاص قسرا لا تطوّعا لينظّموا حركة السّير في غياب المرور ليشيروا لسائق بالتّحرّك يمينا والآخر شمالا وسيّارة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف .. مع ما يحدث من احتكاكات بين تلك المركبات , سواء العابرة أو الواقفة . والمستفيد الأول هم أصحاب ورش السّمكرة , إذ يأتيهم العملاء بصورة يوميّة وبشكل جماعيّ . ولم يشاهد هناك رجل مرور ينظّم الحركة فالحبل متروك على الغارب , كما لا يحضر أحد منهم إلا عند وقوع حادث – لا يتنازل أطرافه ليأتي متأخّرا لإعداد التّقرير فقط , ويقدّم لكل سائق ورقة إصلاح , وهذه مهمّة المرور الوحيدة هناك !!
والسّؤال إلى متى يظلّ الوضع المزعج هكذا؟ ولماذا لم تتدخّل أمانة جدة مع إدارة المرور لتحديد اتجاهات إلزامية للسير , بحيث تمنع ذلك التّلبك المؤسف مع نصب الّلوحات التي تشير إلى ذلك أمام أعين الجميع؟ ولماذا لا يتم إيجاد مواقف كافية متعدّدة الأدوار؟ وإذا تعذّر تهيئة المواقف حاليا فلماذا لا تحدّد نوعيّة المركبات التي تدخل المكان من حيث الحاجة والحجم …؟ فبقاء الوضع كما هو عليه عنوان للفوضى ودلالة على انعدام المسؤوليّة ونقص الاهتمام مهما كانت التّبريرات ,,,.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *