سوريا والحرب الأهلية المقبلة

Avatar

سكينة المشيخص

ليس في سوريا نفط يمكن أن يطمع فيه الآخرون على نحو ليبيا أو العراق، وليست بها موارد مذهلة يسيل لها لعاب الإمبرياليين، ولكن أهميتها وقيمتها الأساسية كونها دولة مواجهة مع الكيان الإسرائيلي واستطاعت خلال العقود الماضية أن تصبح مركز ثقل عسكري يمثل تحدياً حقيقياً لإسرائيل، أي أنها أقوى الجيران الأعداء، وذلك ما يجعلها مهمة في الأجندة الغربية التي تنحاز إلى إسرائيل، فضلاً عن علاقتها الاستراتيجية بإيران وحزب الله.
تصاعدت الأزمة في سوريا حالياً ومرشحة لأن تصل الذروة قريباً باتساع نطاق المواجهات بين المجلس الانتقالي والأجهزة العسكرية والأمنية التي بدأت وفودها تنحاز إلى خيار الجماهير، وذلك يعني أن فكرة الحرب الأهلية ليست واردة، وهي الفكرة التي بدأ يروج لها الإعلام الغربي مؤخراً، خاصة وأن القوى الإثنية والاجتماعية والطائفية تكاد تكون متكافئة إلى جانب أن العلويين الذين ينتمي إليهم الرئيس وفريقه الحاكم أغلبهم في صفوف المعارضة، ففيم تسبب حرباً أهلية.
ما يجعل الأوضاع صعبة في سوريا، ليست أحداث القتل اليومي وحدها، فهي نتيجة لأخطاء النظام الحاكم وسوء تقديره لمجريات الأمور كما في حالة العقيد الليبي الذي كان يظن إلى لحظة القبض عليه واغتياله أنه في أيدي أولاده، فالنظام في سوريا كذلك لا يرى المجريات ببصيرته التي فقدها كما فقد البوصلة السياسية، وذلك جدير بأن يخلق عدم توازن في إدارة شؤون الدولة الى أن يحدث بعده السقوط.
ليس خيار الحرب الأهلية مرجحاً في الحالة السورية، وإنما هي فوضى بدأ يفقد معها النظام السيطرة على الحكم، وها هو بشار الأسد في قناة \”إي بي سي\” الأمريكية يقول إنه لم يصدر أمراً بقتل المتظاهرين وأن من يقتل شعبه مجنون، وكأنه لم يسمع بمقتل 4000 من شعبه طيلة فترة الاضطرابات، ذلك الهذيان عاشه التونسي بن علي والمصري مبارك والليبي القذافي ويكرره الأسد السوري الأصغر، لنبدأ نستكشف ملامح النهاية.
لو كان الرئيس في حجم المشكلة وواعياً لها ويتمتع بالذكاء الذي يجعله يدير المعركة مع الجماهير التي لا يراها تُقتل في الشوارع والطرقات، ويموت الأطفال والشيوخ والنساء وتختطف الفتيات ويمثل بالشباب، ولا يرى فخامة الرئيس كل ذلك، فلن تكون هناك حرب أهلية على الإطلاق، لأن الشعب عن بكرة أبيه متوحد في التضحية والموت والذل، ولكن سينتهي النظام بما قد يكون أسوأ من نهاية القذافي، ولن يطول الزمن لحدوث ذلك.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *