سنوات البراءة والأحلام

• حصة العوضي

من منا لم يستيقظ ذات يوم من نومه .. ليطرح تساؤلات عن حياته الحالية .. وليتأكد أهي حقا الحياة التي كان يتمناها ويرغب بها وهو في بداية الصبا والأحلام ..؟؟

ترى كم واحدا منا حقق أحلامه التي كان يخطط لها ليالي وأياما .. ويفكر فيها مع بداية كل فصل دراسي ونهايته .. ومع كل تقرير مدرسي يستلمه .. ؟؟ ومع كل كلمة يقرؤها .. وكل فيلم يشاهده أمامه ..؟؟ حين يكون الفرد منا في بداية حياته المدرسية والتعليمية .. يحظى بالكثير من الفرص ليحلم ..

وليطمح في كل لحظة إلى المزيد والمزيد من المجالات الغنية بالفكر والجهد والعمل .. وكذلك إلى التميز في التخصص الأكاديمي الذي سيجعل منه إنسانا مرموقا في المجتمع الذي يعيش فيه ..الكثير منهم يختارون تخصصات بالغة الصعوبة .. ويتمنون الوصول إليها والحصول على وظائف متميزة .. وذات دخل مادي أعلى وأفضل من الوظائف الأخرى ..

ولكن .. بعد عقود من السنين .. وبعد أن يمضي العمر بنا إلى ما وراء المجهول .. ننسى تلك الأحلام وتلك الطموحات .. ننسى تلك المنافسات بيننا وبين زملائنا في المدرسة والحي الصغير .. ولا يعود لدينا إلا ما يشغلنا من أمور دنيوية بحتة .. ربما لا تمت إلى تلك الأحلام بأي صلة .. وربما تكون جزءا من تلك الأحلام السابقة الكبيرة .. وربما تكون أفضل بكثير من مستويات تلك الأحلام وتلك الطموحات ..

لكننا لم نحاول أن نتوقف يوما ما لنسأل أنفسنا : هل حققنا فعلا كل ما كنا نحلم به .. وكل ما كنا نطمح إليه في صبانا وطفولتنا ..؟؟ وخاصة أننا مع دوران عقارب الساعة إلى الأمام بسرعة لا نكاد نشعر بها .. لا يمكننا أن نميز بين ما كنا نريده ونحلم به قديما .. وبين ما حصلنا عليه .. وما أصبحنا عليه اليوم .. فأمور الحياة تغيرت كثيرا .. وأساليب التفكير تطورت بشكل كبير ..

وطرق العمل الوظيفي والتزاماته أصبحت أكثر تطلبا وأكثر التزاما وجدية عن الأعوام السابقة ..ومع انشغالنا بمشاكلنا ومشاغلنا الصغيرة والكبيرة الخاصة بالبيت والأولاد .. والوظيفة .. والدرجة والترقيات .. والعلاوات .. والمتطلبات المادية والنفسية خلف كل تلك المهام .. فقد نسينا أنفسنا حقا .. نسينا أننا أشخاصا منفردون .. لنا مشاعرنا الخاصة ..

وآراؤنا الخاصة .. وآلامنا وأوجاعنا التي لا يتحملها أحد سوانا .. لكن بدون حياة خاصة بنا وحدنا .. فلم تعد لنا تلك الحياة .. بعد أن شغلنا ذلك الحيز بمشاغل الآخرين الذين يحيطون بنا .. ويحملوننا مسؤولياتهم رغما عنا ..نسينا أننا

في ذات يوم كنا نحلم بأمور أخرى .. وحياة أخرى ليست هي الحياة التي نحياها الآن .. فقد سرق منا العمر أحلامنا وطموحات صبانا وطفولتنا .. وسرقت منا الأعباء الاجتماعية والوظيفية طاقاتنا على استمرار المحاولة والسعي لتحقيق تلك الأحلام التي ملأت مراحل طفولتنا وصبانا .. والأهم أننا نسيناها .. نسينا تلك الأحلام والطموحات حين نسينا أنفسنا .. وتركناها تغرق في فيضان العمر المتسارع في قطع المسافات الزمنية الفاصلة بيننا وبين أحلامنا القديمة ..

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *