[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]

لم يعد لدينا ولدى كل شعوب العالم أي شك في الأذى الناجم عن التدخين ودمار الصحة وتقصير العمر. وثبت ان معظم المدخنين يتعرضون لمشاكل اغلاق الشرايين والسكتة القلبية والاصابات بصنوف من السرطان.كما ثبت ان كل مدخن بين أفراد عائلة غير المدخنين يلحقهم الدمار الصحي بسبب مواظبته على التدخين مما يدعو إلى الاستفسار عن الاصرار الرسمي على مكافحة المخدرات وفتح شركات التدخين، وفتح ابواب استيراد السجائر والتمباك والاراجيل وكل ما يلزمها من حاجات منوعة ومعروفة.
ولعل المبادرة الرسمية لمكافحة التدخين تؤدي إلى سلامة صحة المواطنين، إلا أن المدخنين يمارسون رغبتهم في أي مطعم وفي أي فندق وفي أي وزارة وفي اي جامعة وفي الشوارع وفي المنازل وفي كل مكان، ما عدا أثناء الركوب في الطائرات، وما دامت شركة الطيران الخطوط الجوية العربية السعودية قد مارست مكافحة التدخين، حسب الممارسة المنتشرة في طائرات العالم كافة، فإن الحكومة تستطيع منع التدخين في كل الجهات التابعة لها، وتستطيع منعه في الحافلات، وتستطيع الغاء الأراجيل (أي الشيش\” في أي فندق وفي أي مقهى، وتستطيع رفع اسعار السجائر إلى درجة الاضعاف، والتمهيد لإلغاء مصانع التبغ من اجل الوصول إلى السلامة العامة، والنظافة الوطنية، ومن أجل اطالة اعمار المواطنين.
وقد تصادف أن قرأت تعليقا موجزاً حول التدخين في الهند في مجلة المزرعة والحديقة وذلك تحت عنوان \”التدخين يقتل ثلاثة ملايين مدخن\” وورد في هذا التعليق ان عدد القتلى سوف يرتفع في السنوات القادمة، ولا بد أنه ارتفع فعليا لأن التكاثر الهندي قد ورد، ولأن انتشار التدخين قد ورد ايضاً.
هناك فارق كبير في تطبيق الانظمة والقوانين ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، ففي بداية هذا العام بدأ في عدة دول اوروبية سريان القوانين المتعلقة بحظر التدخين في المطاعم والملاهي والبارات بالاضافة إلى القوانين السابقة التي تحظر التدخين في الاماكن العامة، ومن يزر هذه الدول ير بوضوح التزام الأفراد بهذه القوانين.
وعندنا هنا، هنالك قرارات صادرة بمنع التدخين في الأماكن العامة، ولكن وللأسف لا نجد من يلتزم بهذه القرارات وذلك لعدم الجدية في التطبيق، أو لعدم وجود العقوبات اللازمة، وأكبر مثال على ذلك استمرارية التدخين في المستشفيات وقاعة الاستقبال في المطار على الرغم من وجود الاشارات التي تمنع التدخين.
وكنت ذات يوم في زيارة احد الاقارب في احد المستشفيات الخاصة وبالتحديد في قسم الرعاية الحثيثة، هذا القسم الذي يجب أن يتميز بالهدوء والسكينة نظراً لحالة المرضى، ولكن للأسف تشعر عند دخولك لهذا القسم كأنك في سوق للخضار بسبب الضجيج والاصوات المرتفعة بالاضافة إلى انبعاث دخان السجائر من المطعم الملاصق لقسم الرعاية الحثيثة.
وأثناء الزيارة، توفي احد المرضى في القسم وتجمع أهل الفقيد في الممرات واخذوا يطلقون العنان لسجائرهم، فطلبنا من الممرضة أن تتدخل وتمنعهم نظراً لخطورة ذلك على بقية المرضى، إلا أنها قالت إن الموقف صعب وانساني ولا تستطيع التدخل.
خرجت من المستشفى وأنا أفكر بالحالة التي وصلنا اليها. فبدلاً من تلاوة القرآن الكريم والدعاء للمتوفي، أصبحنا ندخن على روحه، وفي المستشفيات.
إن أمانة المسؤولية، والواجب الإنساني يفرض علينا أن لا ننسى، أو نتراخى في المسألة الصحية، لأن ذلك سوف ينعكس علينا شعوراً بالأسى وتأنيب الضمير والحسرة الدائمة.
مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد
فاكس 6658393

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *