سكن لكل مواطن
سكينة المشيخص
السكن من الحاجات الأساسية لاستقرار الإنسان واستقرار المجتمع، ومقابله السلبي المباشر عدم الاستقرار، أو بصورة أدق التشرد، فحتى من يستأجرون في المنظور الإجرائي لتلك الحاجة الأساسية هم في وضع تشرد، وذلك يعني تداعيات سالبة متعددة تختلف باختلاف قدرة كل من لا يملك سكناً على احتواء عدم امتلاكه للسكن، ولكن القاسم المشترك الأكبر بين هؤلاء يبقى تعرضهم لمخاطر انهيارات سلوكية وأخلاقية حدها الأعلى يجعل السجون مرادفاً للسكون والحصول على جدران تحتويهم.
دون سكن يتعرض الشباب خصوصاً لضغوط نفسية هائلة تفتح أمامهم كثيراً من الخيارات السلبية؛ لأنهم يشعرون بإحباط لعدم قدرتهم على الزواج وفتح بيوت في مساكن يأوون إليها، ويطمئنون فيها إلى أنفسهم ومن يعولون، ولعل ذلك من الأسباب الرئيسة لعزوفهم عن الزواج، إذ إن تفكيرهم يتجه بداهة إلى المسكن أول ما يفكرون في هذا الزواج، وعندما يجدون أنه دونه خرط القتاد سيعدلون تلقائياً عن الفكرة، ويصبحون عرضة لأشكال كثيرة من صنوف الاختراقات النفسية والعقلية.
آن الأوان للتفكير بصورة أكثر واقعية وشفافية في نتائج معالجات أزمة الإسكان، وفي اعتقادي أن صندوق التنمية العقارية ورغم الدعم الكبير الذي حظي به من خادم الحرمين الشريفين خاصة في آخر ميزانيتين، قد استنفد أغراضه ولم يواكب طوال العقود الأخيرة معدلات النمو الديموجرافي للمجتمع السعودي، وأثبت عجزاً مزمناً في تحقيق أي معالجات إستراتيجية لحل أزمة الإسكان، كما لم يستفد من دعم الدولة في تطوير أدواته لتوفير سكن لكل مواطن، بل أصبح عالة على التنمية.
ومشاريع الإسكان الخيرية، وإن كانت تحاول المعالجة إلا أن النمو الديموجرافي يجعلها تتواضع أمام الحاجات الفعلية للمساكن، وهي بحسب مسماها «خيرية» أي أنها ليست استراتيجية، ما يجعلنا بحاجة ماسة إلى استراتيجية وطنية لمعالجة الأزمة التي تتضخم عاما بعد آخر، وفي ظل الوضع الحالي نحتاج إلى وزارة كجهة تنفيذية يعمل عليها تكنوقراط يستوعبون حاجة الحاضر والمستقبل بمعالجات واقعية ووقائية من شر هذه الأزمة التي ستصبح أم الأزمات إذا اعتمدنا على المعالجات الحالية، وكان الصندوق العقاري أحد أدواتها.
التصنيف: