[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

كانت الأفراح تبدو على محيا كل مواطن حينما تتناقل الأخبار زيادة سعر برميل النفط، وتأخذه الأماني والأحلام في غدٍ مشرق ، ومستقبل زاهر باهر، باعتبار أن البترول هو الأساس في اقتصاد المملكة وتعتمد عليه بعد الله في خططها التنموية ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، وزيادة دخولهم سواء على مستوى الموظفين من خلال تحسين الرواتب ووجود حوافز أخرى يتسع البند الأول من الميزانية للصرف منها على بعض الجوانب الأخرى كالعمل الإضافي والانتدابات وغيرها .كما أن المواطن العادي يتوفر له فرص كثيرة لتحسين دخله ، فالمؤسسات والشركات العاملة في السوق يتوفر لها كثير فرص العمل التي من خلالها تحقق دخول من خلال أعمالها ، وقد حدث ارتفاع في أسعار البترول قبل أكثر من ربع قرن وصاحبه وفرة مالية صاحبتها نهضة عمرانية وتحسن ملحوظ في المستوى المعيشي لجميع المواطنين الحاضرة منهم والبادية ، حتى أنني أذكر أن هناك إعانات سنوية كانت تصرف لأصحاب المواشي لكل رأس مبلغ معين .
ثم أنه بعد أن خبأت وتضاءلت أسعار البترول وهبطت لمستويات متدنية ، فقد ذهبت معها تلك الوفرة أو الطفرة ـ كما يحب أن يسميها بعض الاقتصاديين ـ وعانى كثير من الناس بسبب ذلك الهبوط الحاد في الأسعار ، وتفاوتت المستويات المعيشية بين المواطنين طبقاً للآثار المترتبة على مدى الاستفادة من تلك الوفرة ومدى حسن توظيفها واستغلالها الاستغلال الأمثل ، وظن الناس أنه لا رجعة في هذا الهبوط ولن ترتد أسعار البترول نحو الصعود ، إلا انه حدث ما لم يكن في الحسبان ، فجاء الارتفاع كبيراً وبسرعة تصاعدية مذهلة .
وبعودة أسعار البترول إلى الارتفاع عاد النبض في قلوب المواطنين وعادت إليهم الآمال الكبيرة والأحلام الوردية ، وبدأوا يتطلعون إلى مظاهر التحسن في مفاصل الاقتصاد والعائدات التي تعود إليهم ، يحلمون بمستوى معيشي مرتفع ودخول مالية كبيرة ومدخرات كثيرة وهكذا راودتهم الآمال والأحلام وعاشوا ينتظرون انبلاج فجر الوفرة ويتحسسون مظاهره ، إلا أن آمالهم قد اصطدمت بحواجز كبيرة وموانع عظيمة ، وأحلامهم
تبددت وتبخرت مع حرارة الارتفاع الجنوني في الأسعار الاستهلاكية والمواد الغذائية الذي صاحب ارتفاع البترول ، وخرج المحللون الاقتصاديون بتحليلات ونظريات متضاربة متناقضة متعارضة ، سواء في تأثيرها على الارتفاع في الأسعار لكافة المواد الغذائية والاستهلاكية على المستوى المحلي أو العالمي ، أو في ما تمثله هذه الأسعار من
قيمة حقيقية في السوق ، فكثير من هؤلاء يرى أن هذه الأسعار التي وصلت قبل فترة إلى رقم قياسي فوق ١٤٥دولاراً للبرميل الواحد، فإن هذه القيمة لا تمثل في واقعها القيمة التي كانت قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً أو يزيد حينما كان سعر البرميل لا يزيد عن ٣٤ دولاراً، ومع أن هذه التحليلات الاقتصادية لم يعد يهتم بها المواطنون بجميع فئاتهم ، لكونها من قبيل \” كذب المنجمون ولو صدقوا \” فهؤلاء كانوا من أهم أسباب نكبة
الأسهم حينما ربطوا ارتفاع مؤشر السوق ببداية ارتفاع سعر البترول واليوم يصل البترول إلى أرقام قياسية عالية بينما الأسهم تهبط إلى الحضيض ، مما يدل على عدم مصداقية تحليلاتهم وصحة الأسس التي يبنون عليها تخرصاتهم .ولهذا فأنه نظراً لعدم وجود أثر إيجابي في مستوى المعيشة والدخل للمواطن يتناسب مع هذا الارتفاع الصاروخي في سعر البترول فإن حلم المواطن بزيادة سعر البترول أصبح كابوساً مزعجاً يجثم
على صدره ، فكثير من المواطنين وهم الغالبية ( موظفو القطاع الخاص – أصحاب المعاشات من التأمينات الاجتماعية – أصحاب الأعمال الحرفية والمهنية الخاصة – العاطلين عن العمل – وغيرهم ) كل هؤلاء يعانون من ارتفاع الأسعار دون أن يستفيدوا من ارتفاع البترول وتحسن العائدات .
إن المواطن أصبح يضع يده على قلبه كلما سمع بزيادة سعر برميل البترول، لأن الأخبار تتواتر من المحللين الاقتصاديين بل وبعض التصريحات الرسمية من بعض المسؤولين أن هناك زيادات ستطرأ على المواد الغذائية والاستهلاكية خلال الفترة القادمة، والمواطن البسيط – مثل كاتب هذه السطور – لا شك أنه يتأثر بمثل هذه التحليلات ويخاف ويعتريه الوجل في تتابع زلزال ارتفاع الأسعار وبركان جحيم الطلبات التي لا تختفي إلا لتظهر مرة أخرى .والويل كل الويل لرب الأسرة الذي يعاني من قلة ذات اليد وضعف الحيلة والبصيرة .
إن أصحاب الرواتب المتدنية – خمسة آلاف ريال فما دون – يعانون مرارة الألم ويقاسون ظروف صعبة ، وزيادة البترول تزيد من حساسيتهم وأوجاعهم وآلامهم .! صحيح أن مواطناً – مثلي – لم يعد يفهم لعبة ارتفاع الأسعار سواء في البترول أو حليب الأطفال أو الحديد ولم يعد لديه القدرة في وضع توازن مقبول بين الصرف على متطلبات أسرته الضرورية وبين قدرته المالية وفقاً لدخله المالي ولم يعد يفهم ما يدور على هذا الكون من تناقضات وعجائب فهو مشغول حتى النخاع ومعجون بهموم أسرته والعمل الجاد المتتالي في وضع الأولويات في المصروفات الأسرية ، ولم يعد يعنيه حتى تلك الأرقام الخيالية والفلكية التي استوعبتها الميزانية العامة للدولة ، فهو يرى بعينيه ولا يلمس على أرض الواقع أثراً ينعكس على مصروفاته الأسرية ، التي أكلت منه الأخضر واليابس .
المحاولات الجادة التي قامت بها الدولة في التخفيف من وطأة هذا الغلاء على المواطنين قد تحتاج إلى وقت لظهور الأهداف الإيجابية المتوخاة منها، وحتى تظهر تلك الإيجابيات فإن المواطن يأمل في إضافة علاج سريع وعاجل وهو منح كل رب أسرة إعانة شهرية تقدر بقدر معين وتكون بحسب أفراد العائلة .وبخاصة أننا مقبلون على شهر كريم شهر رمضان المبارك يحتاج إلى مزيد من الصرف التي أعتاد عليها كل مواطن ، لتكون مكرمة
بمناسبة هذا الشهر الكريم .
اللهم ارفع عنّا الغلاء والوباء إنك ولي ذلك والقادر عليه .
ص ب ٩٢٩٩ جدة ٢١٤١٣
فاكس : ٦٥٣٧٨٧٢
[ALIGN=LEFT]Sfa_10 @hotmail .com[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *