[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

لا أظن أن جمهرة واسعة من الناس تتحدث من فراغ، بمعنى أن ثمة مشكلة يكتوون بنارها، ولذلك فهم يضجون منها، وتستطيع ككاتب أن تلمح ذلك في عيونهم، وأحاديثهم، وحتى في مزاحهم ونكاتهم.. ولهذا فقد وجدت أن مشروع أو \”نظام ساهر\” المرور قد أخذ حيزاً واسعا من أحاديث الناس في الآونة الأخيرة.
حسن إذن.. فماذا يقول أولئك، وما هي ملاحظاتهم، أو إن شئت معاناتهم؟.. ودعوني هنا أكون أميناً في نقل حتى تعابيرهم وأوصافهم ونعوتهم للسيد ساهر (!!).. هؤلاء يقولون بشكل تلقائي إنه بمثابة \”الجابي\” وهي في الواقع مفردة غير جميلة، ولا أحبها أو أرحب بها، ولكنه – وبأمانة – هي ما وصف به عدد من الناس مشروع ساهر.. وتعالوا نلخص رؤيتهم ونرى.
لقد كنت قبل يومين في المدينة المنورة، وخلال تجوالي هناك مع عدد من الإخوة السائقين الذين تولوا مهمة تنقلاتي، كانوا هم من يبدأ الحديث عن \”ساهر\” .. وكلما حاولت إغلاق هذا الباب، اعتقاداً مني أن مهمتي الصحفية القصيرة هناك هي لغير هذا الموضوع، أجد من يفتحه معي مرة أخرى.. ففي الشارع المؤدي إلى طريق الرياض بالمدينة المنورة، رأيت كاميرا ساهر تلمع في سماء أحد الليالي، وقال لي الأخ السائق إن هذا الشارع طريق طويل، وغير معقول أن تكون السرعة فيه (70)كم/ الساعة كما حددته ادارة المرور هناك بلوحات رأيتها منصوبة على جنباته، وقالوا كان المفروض أن تكون السرعة من (90-100كم/ الساعة).وقال لي آخر إن ثمن المخالفة هي \”300\” ريال واحيانا \”500\” ريال .. ثم تتضاعف إن لم يبادر المخالف بالتسديد في مدة شهر، لكن بعضهم لا يعرف بالمخالفة، ولا يصل إلى هاتفه الجوال اشعار بذلك، فتتضاعف المخالفة دون أن يدري.. وقال آخر رأيت كاميرا ساهر المحمولة في سيارة تقف بدءاً من السابعة صباحاً، ثم لا تلبث أن تغادر ، لتعود في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر ثم تغادر قرب صلاة العصر.
وخلال عودتي من المطار في جدة إلى بيتي مع أحد الاخوة، ذكر لي دون أن افتح معه الموضوع، مسألة تعاظم أثمان المخالفات المرورية، وروى لي حكايات اسطورية لم أصدقها.. يقول إن أحدهم يعمل سائقا على طريق طويل وصلت مخالفاته إلى مائة الف ريال، وآخر كما قال زميل له بلغت مخالفاته \”19\” ألف ريال!.
واخيراً دعوني أقول شيئاً أختم به، فإن نظام ساهر إنما هو مشروع حضاري يرمي إلى صناعة ثقافة مرورية إيجابية، هكذا أنا اؤمن وأتطلع واعترف، لكن هذا المشروع قدم نفسه للناس وفق آليات لم يكن التوفيق حليف جوانب كثيرة منها، ولذلك أرى أن المطلوب هو ألا تكون كاميرا ساهر \”مدسوسة\” بل واضحة أمام السائقين، وحبذا لو كانت مقامة في أعمدة الاضاءة بالشوارع طيلة الوقت، وليس بين فترة وأخرى، وأن يتم تعميمها في كل شارع وطريق وشارع فرعي، بعد أن يتم وضع لوحات تحدد السرعة المعقولة \”واقول المعقولة\”.. وألا تزيد المخالفة بحال من الاحوال عن \”50\” ريالاً، لأن الهدف تربوي لا عقابي، فأنت اذا اردت أن تصنع تربية وثقافة لا بد أن تكون رفيقاً وودوداً، لا غليظاً وقاسياً، والهدف ليس جباية أموال الناس، ولكنه اشعارهم بأنهم مخالفون، وألا يتم مضاعفة العقوبة إلا بعد سنة كاملة.. أما خلاف ذلك فـ \”اسمحو لي\”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *