زيارة مستر \"كانتي\" مدفوعة التكاليف

• عبدالرحمن آل فرحان

[COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR]

لقيت زيارة المهندس البريطاني \” رون كانتي \” لمنطقة عسير في عيد الأضحى المبارك والتي استمرت حتى يوم أمس الاثنين تغطية إعلامية منقطعة النظير بالرغم من بساطة الرجل وانعدام قيمته الاعتبارية حتى في بلده ، فهو مجرد مهندس إنشاءات متقاعد كان يعمل في شركة متخصصة في بناء الجسور والكباري على الطرق ، لكنها حظيت ذات يوم بعقد عمل في السعودية قبل نحو 40 عاماً .. وبالتحديد في مدينتي تنومة وحائل ، الرجل – كما عرفت منه- لم تكن السعودية الدولة العربية الوحيدة التي عمل بها .. فقد سبق وأن عمل في بيروت قبل ذلك ، ثم في أبوظبي بعدها ، إلا أنه لم يخفِ أبداً شعور الدهشة بما لقيه من حفاوة وترحاب من المجتمع ، وبكمية الصور التي نشرت له في الصحف السعودية بعد زيارته ،حتى أنه قال ممازحاً : لقد أشعرتموني في هذه الأيام القصيرة وكأن الذي أمامكم الآن هو اللاعب الشهير (واين روني ) وليس المهندس رون .
في اعتقادي أن سبب كل هذه الجلبة حول هذا البريطاني هي رسالته الإلكترونية لصحيفة تنومة بعد أن وجد أن استخراج تأشيرة سياحية للسعودية في حكم المستحيل ، أراد أن يطرق الباب من الداخل ليتمكن من الدخول طالما أن الطرق الاعتيادية والتي تحدث في كل بلدان العالم لا تجدي مع السعودية ، ومن حسن حظ هذا الرجل أن الموقع تعامل مع هذه الرسالة بكل جدية .. وتواصلوا معه ليكتشفوا أن لديه ما يربو على 50 صورة فوتوغرافية عن تنومة قبل 40 عاماً بحالة جيدة وملونة !! ما دفع بالمسؤولين في الموقع للنشر عن هذا الرجل وتوضيح أهمية ما لديه من كنوز فوتوغرافية قد تثري مكتبة الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة عموماً وتاريخ تنومة الحديثة خصوصاً طبعاً فيما لو تم مساعدته للقدوم للمنطقة ، مع العلم أن الموقع قد حصل على كل ما لديه من صور وهو لم يزل في مانشستر حيث يقيم ، لكن فيما يبدو أن القائمين على الموقع كانوا يتوقعون أن لديه أشياءً أخرى يود تقديمها لأهالي المنطقة ..( وثائق ، صور …..أو أي شيء من هذا القبيل ) ، وحينما وصل اكتشف الجميع أنه مجرد متيم وعاشق لجبال وأودية تنومة .. تلك المدينة التي احتضنت أجمل ذكرياته خلال مدة تنفيذ مشروع طريق ( أبها- الطائف ) والتي استغرقت حينها قرابة السنتين (1973-1975م ) .
على أية حال .. ما يهمنا في الأمر أن زيارة هذا الرجل كان من الممكن ألا تصاحبها كل هذه الضجة لو أن الأنظمة لدينا كانت أكثر انفتاحاً على السياحة الأجنبية ، وربما وصل لتنومة أو غيرها من المدن دونما أن يشعر به أحد ، لكن !! ماذا نقول ؟ حصل ما حصل !! وتمكن الرجل من زيارة السعودية والعودة منها دونما أن يدفع قرشاً واحداً لدورة الاقتصاد الوطني في البلد !! تاركاً وراءه الحيرة والتساؤل : متى يفتح الباب للسياحة الأجنبية بشكل طبيعي خاصة أمام الأفراد من كافة البلدان .. على الأقل .. لنستعيد بعض ما يخرج لبلدانهم من أموال على أيدي أبنائنا ، ما المقلق في هذه المسألة ؟ هل هو الخوف على أمن هؤلاء السياح ؟ اسألوا \” كانتي \” ماذا وجد في تنومة ؟ يخرج من وليمة ليدخل في أخرى حتى آخر يوم قضاه هناك وكأنه واحد منهم ، أم أنه الخوف من السياح أنفسهم ؟ وحتى هذه لا تدعو للقلق .. لأن السياح الذي يرغبون في زيارة السعودية ليسوا ممن يبحثون عن الترفيه الليلي والبلاجات المبتذلة لعلمهم بأنها غير موجودة .. أي أنهم سياح على درجة عالية من الوعي ليس لهم هدف غير معرفة السعودية ومجتمعها وحضارتها وتاريخها من الداخل ..لهذا نأمل أن نسمع عن تنظيم جديد لهذا المورد الاقتصادي المهم في القريب العاجل ، لا نريد أن تتكرر زيارة مستر \” كانتي \” مدفوعة التكاليف مرة أخرى.. وكل عام وأنتم بخير .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *