زيارة الملك سلمان لمصر.. وصناعة التاريخ

• عبد الناصر الكرت

عبد الناصر بن علي الكرت
اكتسبت الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لجمهورية مصر العربية أهمية خاصة ، فهي لم تكن زيارة عادية كزيارات بقية الزعماء للدول ، إنما صناعة لتاريخ سيقرأه العالم بشيء من الإعجاب وستكون مخلَّدة في ذاكرة الأجيال .
ذلك أن الملك المسدد استطاع أن يطوع الجغرافيا بإعلانه عن إنشاء جسر بري يربط بين المملكة العربية السعودية وشقيقتها مصر العربية .. بل يربط ولأول مرة بين القارتين الأكبر آسيا وإفريقيا بما يحقق من فوائد عظيمة وما يهيئه من فرص عمل كبيرة في الاتجاهين .
وهذه همم الملوك العظام ، فإذا كانت قلوب السعوديين والمصريين قريبة في الأصل من بعضها لروابط الدم واللغة والدين والمصير المشترك ، فإن هذا الجسر العملاق سيزيدها تقاربا ومحبة وتعاونا وإنتاجا . وسيحقق للدولتين ومعها دول مجلس التعاون وبقية الدول العربية كثيرا من المصالح المشتركة في تطور العلاقات الاقتصادية : التجارية والصناعية والسياحية وتمتين العلاقات الاجتماعية.
وستسفر في الغد القريب عن مكاسب عظيمة على كل المستويات بإذن الله . خاصة وقد وقعت مجموعة من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات الاستثمار وترسيم الحدود والتعليم والثقافة والزراعة والإسكان وكذلك الكهرباء والاستخدامات السلمية للطاقة النووية والنقل البحري والموانئ والتجارة والصناعة ومكافحة الفساد . ولا شك أن هذا التقارب يزيدها قوة ومنعة . وهو ما جعل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقترح تسمية الجسر باسم الملك سلمان بن عبد العزيز تثمينا لهذه المبادرة التاريخية التي تحسب للملك سلمان . وقد وصف السيسي “بأن مصر والسعودية تمثلان جناحي الأمة العربية” فبهذين الجناحين يمكن أن تحلق الأمة عاليا وتنطلق إلى الأمام لتأخذ مكانها الطبيعي في ظل السباق العالمي المحموم في كافة الجوانب .
فهذه الزيارة تعطي بعدا لما يجب أن يكون عليه المستقبل العربي ، لا سيما وأنها جاءت في وقت تتعرض فيه دول المنطقة لتحديات كبيرة وخطيرة من الشرق والغرب ، مما يحتم العمل الاستراتيجي المشترك لمواجهة ما يتعرض له الأمن القومي العربي والخليجي من مخاطر دولية وإقليمية .
وإذا كانت المملكة بقيادتها الحكيمة قد نجحت في تشكيل التحالفات العربية والإسلامية التي تشكل قوة رادعة فإنها ستمضي في برنامج التقارب بشكل أفضل بين الدول العربية والإسلامية إدراكا منها بأن ذلك من أهم المسائل للتصدي لكل محاولات الاختراق وتفريق الأمة وإضعافها.ولعل من الأهمية تقوية جامعة الدول العربية لتقوم بدورها كما يجب ومن بعدها منظمة التعاون الإسلامي لتفرض قوتها وتأثيرها على المستوى العالمي . بوجود مثل سلمان بن عبد العزيز ستمضي الأمور إلى الاتجاه السليم لما يخدم الأمة ويرفع شأنها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *