قدري العاثر إلى جانب (رجل رجعي) وزوجته في أحد المطاعم ، ومن سوء حظي كانا قريبين مني لدرجة تمكني من سماع أحاديثهما المثيرة نوعاً ما ، والغريبة بعض الشيء !

وحتى أكون صادقة مع نفسي ومعكم وأرجو من الله أن يسامحني فقد أسترقت السمع إليهم لا لفضول -لا سمح الله- لكن لأن صبري قد نفذ وأنا استمع لحوار ذاك الرجل (المتسلط) مع زوجته المسكينة التي شعرت عنها بوخز في أعماقها وأنا أبشرها بالجنة -إن شاء الله- نظيراً لتحملها ذلك الآدمي واعتقد والله أعلم (لشخيره الليلي) كذلك !

فقُبيل جلوسهم وقف الرجل كالنسر فوق القمة الشماء وهو يحاول أن يقنص ويصوب نظراته تجاه أرنبة جميلة ليجد المكان المناسب لجلوسهم ، وبالفعل كانت هناك طاولة موازية للجدار ناسبته جداً فأخذ هو الكرسي المقابل للناس وأعطاها الكرسي المقابل للجدار ! ومن ثم بدأوا يتحاورون (كعصافير الحب) وهنا تبدأ قضيتي معهم ،

فالزوج بدأ بالحديث مع زوجته المغلوب على أمرها قائلاً : لا تكشفين وجهك يا (مَره) المطعم مزحوم ! ولا تكلمين الجرسون ! ولا تلتفتين كثير ! وقد ردت عليه زوجته بإيماءة مترددة وخجولة وأشاحت بوجهها بالقبول على مضض في عز الكلام ،

وصمدت المسكينة وهي تنظر إليه وهو ينظر إلى الظاهر منها (عينيها) رغم إن وجهها كان للجدار ولم يكن أمامها أي كائن حي ولم أفهم سر تزمته وإصراره بعدم كشفها لوجهها ولم يكن في (خلقتها) سواه !!

فقلت في نفسي هذا الرجل من العينة التي تهاب العادات والتقاليد البالية وتلتزم بها أكثر من إلتزامها بالشرع والدين ! فتصرفات مثله يحكمها في الغالب الخوف من المجتمع ونظرة الناس إليه،

فتجده لا يفكر بطريقته الخاصة ولا يطبق إلا العادات والتقاليد حتى وإن لم يكن مقتنعا بها وفي قرارة نفسه يعلم إنها رجعية وبالية ولا تسمن أو تغني من جوع وقد أكل عليها الدهر وشرب ،

فمعظم عاداتنا وتقاليدنا لا تمت للإسلام بصلة والأفضل “إلقائها في سلة المهملات” لنتقدم بفكرنا ونرتقي بأنفسنا، فبعض العادات القديمة المتوارثة (فارغه) وليس لزاماً علينا الاحتفاظ بها وإحيائها لتوأدنا بالحياة !! وليس لزاماً علينا ايضاً أن نعيش الماضي في حاضرنا فما لعادات الماضي حضور في وقتنا الحاضر !!

في الواقع المشهد وأغلب الحديث استفز بي كبرياء المرأة وعنفوان يأبي أن يذل أو يهان ، فصدقاً أنا لا أعلم كيف لامرأة أن ترضى على نفسها أن تكون (تابعا / أو هامشا) لرجل يسيرها وفق ما يريد ويرغب ويقرر ، ويلغي ذاتها تماماً وكأنها جسد بلا روح أو إنسانة خلقت بلا حق أو كرامة !

ولا أخفيكم انسدت نفسي عن الطعام في حينها واكتفيت بزيتون وصحن (بابا غنوج) وقلت في نفسي هذه واحدة من النساء (اللي زوجها (قايلن بها هه) أو (مقيولن بها هه) وهذا نوع من التعبير اللطيف يستخدم عند إفراط الزوج بالحب والدلال والدلع لزوجته ، (هه بس) سلام عليكم!

@rzamka
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *