[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. ثري إبراهيم جابر[/COLOR][/ALIGN]

روبابيكيا كلمة ، كثير منا سمع بها وعرف معناها فطالما سمعناها نحن العرب في الأفلام والمسلسلات المصرية ونحن نتابعها بشكل يومي قبل انتشار الأقمار الصناعية والمحطات الفضائية المتنوعة، وارتبطت الكلمة بالرجل الذي يجر عربة أو يحمل على كتفه سلة بها مواد مستعملة، ويعرض على الناس أن يشتري منهم أي شيء مستهلك هم في غنى عنه من ملابس وأوراق وكتب ومتعلقات المنزل من أساس وأدوات المطبخ… ويقوم بدوره بعرض هذه الأشياء القديمة التي قام بشرائها بعد أن يقسمها حسب نوعها إلى مشتري آخر محققا عائدا ماديا من هذا الأمر.ونحن لا نزال نعيش أجواء الثورات العربية التي بدأت منذ سنتين وبصراحة لا أعلم متى سوف تنتهي من مرحلتها الأولى مرحلة الفوضى والصراع والتناحر إلى مرحلة جديدة تكون سمتها التعاون والبناء.
فهذا الرجل الذي يجر العربة وينادي بكلمة روبابيكيا، نجده الآن في كل دولة من دول الربيع العربي ينادي وإن كان بكلمة جديدة؛ ألا وهي \”الحوار\”، والحوار كلمة أصيلة في تراثنا العربي، ينشرح لها الصدر ويرق لها القلب، ومن هذا استغلها بائع الوربابيكيا لينادي بها في تلك الدول، وتتمثل شخصية البائع هنا بكافة الجهات ذات التأثير بما يحدث بتلك الدول، سواء أكان الحكومة ومن يعاونها ويؤيدها في الداخل والخارج وكافة أذرعتها ذات العلاقة. أم المعارضة بكافة أطيافها واتجاهاتها المتناقضة والمختلفة في ذات الوقت أو المتفقة على أجزاء وتصورات.بائع الروبابيكيا هنا ينادي بالحوار خالقاً نوعاً من التعاون مع الأطراف التي تلبي دعوته محققا مصلحة له ولغيره ممن باعه واشترى منه. ففي تونس جاءت حادثة اغتيال شكري بلعيد، لتؤكد أن الثورة لاتزال مستمرة وعلى جميع القوى السياسية أن تستمع إلى رجل الروبابيكيا.وليست مصر ببعيدة عن تونس، فبائع الروبابيكيا هنا يواجه خصما له يجعل من صوته ضعيفا وغير مسموع، ما يؤكد على ضرورة الاستماع إلى رجل الروبابيكيا باعتبار أن السبيل الوحيد للخروج من تلك الأزمة يكون في الحوار والجلوس على طاولة تطرح عليها كافة القضايا المتعلقة بما يعاني منه البلد ومواطنوه، بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة.
وأما اليمن السعيد فقد عبرت وصرحت جميع الأطراف هناك عن استماعها لرجل الروبابيكيا واستعدادها للتعاون معه فيما ينادي به، وعبرت في نفس الوقت عن أن يحقق الحوار الوطني الأهداف المرجوة منه وتحقيق كافة بنود المبادرة الخليجية وإخراج البلاد مما هي فيه منذ عامين كامليين. فنرجو أن يكون حواراً وطنياً حقيقياً يناقش كافة القضايا والاشكاليات، ويتحلى الأطراف المشاركين بروح معنوية عالية لا تؤدي الجلسات العديدة ولا المشاكل الكثيرة التي يعاني منها اليمن إلى إضعاف قوتهم ولا فتور عزيمتهم. فالوطن يستحق كل غالي وثمين.وفي نهاية حديثي أتوجه ببضع كلمات إلى رجل الروبابيكيا الفلسطيني، وأقول له وأنت تنادي وتجد من يستمع إليك فلا تبخس الناس أشياءهم واستثمر كل ما يقدم لك من بضاعة لتحقق مصلحة لك ولمن يتعاون معك.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *