[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]نبيه بن مراد العطرجي[/COLOR][/ALIGN]

رمضان شهر كريم، ليس له في العام مثيل، أخبرنا بذلك رب العالمين، فرضه الرحمن الرحيم لعباده رحمة بهم، وإحساناً إليهم، وحماية لهم، وجنة، فالحمد لله الذي بلغنا صيام ما مضى منه، وندعوه عز وجل أن يبلغنا ما بقي منه، والمتأمل في هذه الأيام الفضيلة المباركة يجد أنها دورة تدريبية تمنح لكل مسلم يرفل في ثوب الصحة والعافية مرة في كل عام تقام على مر الأزمان، تصقل فيها النفوس البشرية، وتزداد بالشحنات الإيمانية التي تلهمهم أسمى معاني الدين، ففي شهر الخير والبركة تربى النفس على أساسيات الشريعة الإسلامية، وتغير المنهج اليومي الذي ألفته طوال العام، فرمضان أحد وسائل الإسلام في تربية الفرد المسلم على المنهج الرباني، وهو بحد ذاته مدرسة تربوية مليئة بالوقفات الإيمانية التي تُفَعلْ الهمم الإنسانية، وتستنهض الوصول بها إلى القمم، وعلى تقوية إرادة المسلم في الوقوف عند حدود ربه، والتسليم لحكمه، وتنفيذ أوامره، كما أنه يعلم الموحد بالله كيف يهـذب نفسه، ويطهر قلبه، وينمي في روحه فعل الخيرات، ويطور ويجدد أسلوبه الحياتي الدنيوي، فشهر العبادة منظومة ليس لها مثيل يعلمنا المولى من خلاله كيف نقيم التوازن في حياتنا بين القيم والغرائز، وتقوية القدرة في السيطرة على النفس، والربط بين الخاص والعام، وبين العبادات والمعاملات والأخلاق، والتخلص من العادات السيئة، فهذا الشهر منحه إلاهية ينبغي أن نتخذه قنطرة للصلاح والنجاح، ونربي فيه أنفسنا، وأولادنا، وأهلينا، ومن حولنا على الأعمال الصالحة، والقيم الصحيحة، والسلوكيات الحسنة، التي يُسْتَحْسَنْ أن يكونوا عليها خلال فترة معيشتهم فوق الثرى ليكسبوا فيما بعد مغانم الآخرة، فمن بلغه وأتم صيامه كان لهو فرصه لا تعوض يعيد فيها ترتيب أوراقة المبعثرة خلال ما مضى من شهور، فيسحن تنظيمها وترتيبها على الوجه الذي يجب أن تكون عليه، وهو موسم الآثار الباقية، والدعوات الناجحة، والاحتساب النافذ، والخير الذي لا يزول وإنْ ذهبتْ أيامُه ولياليه، فرمضان موسم الربح الدائم، والربح فيه مضمون لمن رغب الاتجار مع الله في الآخرة، فهذه الأيام الفضائل أقبلت علينا وهي محملة بالبركة والرّحمة والمغفرة، يبسط لنا فيها خالقنا مائدته الواسعة الفسيحة اللّذيذة، ليغذّي منها المرء عقله بالحقّ، وقلبه بالخير، وحياته بالتّقوى، فحري بهذا الشهر أن يكون فرصة ذهبية للوقوف مع النفس ومحاسبتها لتصحيح ما فات، واستدراك ما هو آت.
من أقوال الأديب مصطفى صادق الرافعي – ألا ما أعظمك يا شهر رمضان، لو عرفك العالم حق معرفتك لسماك.. مدرسة الثلاثين يوماً -.
دعاء: رزقنا الله وإياكم حسن الصيام والقيام، وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
ومن أصدق من الله قيلاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
ناسوخ / 0500500313

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *