[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د .رؤوفة حسن[/COLOR][/ALIGN]

إعتدنا أن نقرأ أخبار وصول برقيات التهاني بمطلع الشهر المبارك الى قادة بلادنا من مختلف الأصقاع .وعلى المستوى الشخصي كنا نلتقي بأي صديق أو زميل فنتبادل التهاني الشفوية والدعاء لبعضنا البعض بالصوم المقبول والذنب المغفور .
ومنذ ظهور البريد الالكتروني بدأنا نبعث ونستقبل تهاني مماثلة عبر ذلك البريد لمن نرغب بغض النظر عن مكان وجودهم، فأصبح كل فرد أو فردة منا يستقبل عددا لا حدود له من التهاني من كل مكان له فيه أصدقاء أو معارف .ولما صار الهاتف الجوال متاح وبه خدمة الرسائل المكتوبة صار الواحد والواحدة منا يستقبل أو يرسل ما يزيد عن ما نسمعه من برقيات التهاني المبعوثة للقادة السياسيين في بلداننا .
الإبداع والتقليد :
لأن إرسال تهنئة عبر الهاتف الى شخص نعرفه هو عمل شخصي، فإن الأمر قد يكون بهدف توصيل الشعور الطيب بالأمنيات القلبية .وفي الطريق يكون هناك نوع من الابداع بابتكار كلمات معبرة أكثر رقة أو فعالية أو مودة .وربما يخيم عليها الجو
الديني للشهر الكريم فيكون النمط الغالب نوع من الدعاء والاستخدام الجميل للمصطلحات الدينية .
وقد تصلنا أحيانا تهاني بعبارات جزلة وتعبيرات جميلة تشعرنا بالرغبة في المشاركة بها مع آخرين فنعيد ارسالها الى أصدقاء أو صديقات كثر، حتى تمر في طريقها بكاتبها الأصلي دون أن يكون له ذكر .
شخص واحد يكتب شيئا جميلا يعبر به عن شعوره تجاه شخص آخر فيرسله كتهنئة مخصوصة، بمجرد أن تخرج من هاتفه الشخصي تصبح عرضة للاستخدام من مئات بل الاف المقلدين .الحقوق الفكرية هنا غير قابلة للحفظ، فهي عابرة للأماكن وعابرة للغات .
أقوالنا تصور زماننا :
يقوم أشخاص بكتابة وابداع التهاني، ويقوم آخرين بتبادلها وارسالها وإعادة إرسالها، ويقوم المختصون منهم بالرصد والتدوين لهذا النوع من الرسائل فيحفظونه على أجهزتهم الهاتفية ثم ينقلونه الى وثائقهم ليخضعونه للبحث والتحليل لنتعرف عبره ذات يوم عن عادات الشعوب وطرق التعبير المهيمنة على الأزمنة المختلفة فيه .
كان أسلافنا في الزمن القديم مشهورين بجزالة الكلمات وبدقة التعبير، حتى صارت كثير من أقولهم أمثالا وحكما وموعظة ترددها الأجيال جيلا بعد جيل .ويبدو أن مساحة رسائل الهاتف الجوال التي تحتم الاختصار والدقة وتوصيل المعنى بأقل الكلمات هي التي تعيدنا الآن الى زمن السجع والنثر المحكم والمعاني البيانية الرائعة .
حاليا يتحول رمضان في مهرجان التعامل الاعلامي معه وفي طريقة الحياة به ، وفي شكل التهاني بقدومه ثم التهاني باستمراره وحتى التهاني باختتامه الى شهر تكنولوجي في طور التأطير المنبثق من الأصالة والمستفيد من ادوات المعاصرة .
مانقوله فيه وما نفعله يعكس صورة زماننا ويحفظ للتاريخ ما تبقى منا من عمل مبدع فذ يشبهنا وحدنا في هذا الزمان .وختاما حسب القول السهل المعتاد رمضان كريم وكل عام وانتم بخير .
[ALIGN=LEFT][email protected][/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *