[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

كان لرشا ما رغبت، وجاءت الندوة أكاديمية الطابع، تناولت حياة الشاعر ونشأته في مدينة طلبيرة دي لا ريينا. وهي مدينة، كما وصفها كتيب الترجمة، يخترقها نهر تاجه الذي يعتبر أطول الأنهار التي تجري على تراب شبه الجزيرة الأيبيرية، وهو، أي الشاعر كما جاء في مقدمة الترجمة العربية، \” ابن مدينة وصلها المسلمون عام 712، وقد أقاموا فور وصولهم إليها سورا حولها أدى إلى منعتها وتوسعها وازدهارها، وفيها شيد قصر عبد الرحمن الثالث، ومع إنشاء العرب لأنظمة الري نمت فيها وحولها زراعة الحبوب والغلال والفاكهة ومنها العنب على وجه الخصوص، إلى جانب الصناعات الخزفية التي عهد بها المسلمون إلى اليهود الذين كانوا يقطنون المدينة، إذ كان التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود تحت ريادة الحكم الإسلامي أمرا يقوم على سماحة الإسلام والمسلمين\”. واختتمت الندوة بقراءات مختارة لأربع من قصائده ألقاها المؤلف بالأسبانية وألقتها الدكتورة فاطمة خليل بالعربية، ومن أجملها وأروعها قصيدة بعنوان: سمكة أسيرة، تقول كلماتها:-
\” لماذا تنظر إلى هذه السمكة بعيون حزينة؟
بخياشيمها وزعانفها وقعت في الشباك، ولا تدري ما الوسيلة للفكاك.
بيد رقيقة ومرتجفة حاولتُ مساعدتها. مَزَّقْتُ عن جسدها خيوط الشباك، أمسكتُ رأسها التي كانت تدمي قليلا، َرفَعْتُ رأسها، وفي النهاية صارت حرة طليقة، لكنها لم تواصل طريقها.
بين أعشاب حافة النهر التي حاصرتها، بنظرة حزينة أَخَذَتْ تنظرُ إليَّ، لا أدري ما تقول لي عندما فَتَحَتْ فمها واستدارت شفتاها.
أظن أنها تنطق في هدوء اسمي، وتعبر شاكرة عن امتنانها لي.
حقيقة لم أفهمها جيدا، ولكني بيديَّ أخذتُها، ترتعش حراشفها وينبض جسدها من رأسها إلى ذيلها. وبالقرب من صدري، حيث تسمع نبضاتي، ضممتها. وفي احتفال بمولد وموت، دَلَقْتُ إلى النهر، والسمكة بين ذراعي، حتى غطت مياهه ركبتيَّ، وكأنها طفل داعبتُ جبينها، وفي المياه الجارية ألقيتُها. لنرى ماذا يحدث لها\”.
في طريق العودة، سألتني رشا عما يعنيه الجدول والنهر والبحر لي، وبكلمة أصح ماذا يعني الماء لي وأنا ابن جزيرة تغطي الرمال معظم أرجائها ولا يجري فيها نهر واحد؟ أجبتها أن الماء يعني لي الحياة، وهنا يكمن الحرص على الماء والتفكر في عظمة الخالق الذي جعل من الماء كل شيء حي، نحن في عشق مع الماء والخضرة، وهنا تطوعت رشا لتضيف بصوتها الملائكي: والوجه الحسن، نعم الماء والخضرة والوجه الحسن، هذا ما كنت أسمعه من والدتي وهي تصف لي طباع أهلها في فلسطين. وهنا بودي أن أضيف بأن قومنا هناك، وحيث الماء عزيز، يغسلون وجوههم، بما فيها أفواههم وأنوفهم، وأيديهم، ويمسحون رؤوسهم وأرجلهم خمس مرات في اليوم وهم يتهيئون لأداء صلواتهم، وأنهم هناك، ومع ندرة المياه يغتسلون تقريبا كل صباح، وأزيد بأنهم يغسلون فروجهم بالماء كلما دخلوا دورات المياه لقضاء حاجتهم. أمنت رشا على سلامة هذا التصرف بما قرأته عن انخفاض نسبة الأمراض السرطانية في الرحم عند النساء المسلمات.وعدنا للحديث عن نهر تاجه ومدينة شاعرنا وافترقنا على وعد بزيارة مدينة طلبيرة دي لا ريينا في أول فرصة سانحة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *