[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

في موقع أدباء الشام قرأت (رسالة للبابا من مفكر مسيحي فلسطيني) كتبها د. منير فاشة، المتخصص بالتربية، والذي أسس الملتقى التربوي العربي وأداره عندما كان أستاذاً زائراً في جامعة هارفارد الأمريكية. والرسالة طويلة، تبلغ أكثر من عشر صفحات، نقد فيها محاضرة البابا في ألمانيا، وشرح له الفارق الكبير بين مسيحية الناس في الشرق ومسيحية المؤسسات في الغرب. وهذا المقال مقتبسات منها في الأمور التي تخص الإسلام:
•وددت لو كان بإمكاني أن أدعوك إلى منزلنا في القدس لكنني لا استطيع حيث يحتل بيتنا هناك منذ العام 1948 يهود أوروبيون \”ديمقراطيون متمدنون\” وُعدوا بوطن (الذي شمل منزلنا في القدس) من جانب بريطانيا \”المتمدنة الديمقراطية المسيحية\”.
•منذ أن كنت طفلا صغيراً (أنا الآن في الخامسة والستين من عمري)، كنت أستمع إلى المبشرين وبخاصة من بريطانيا والولايات المتحدة. لم يحصل أن التقيت بمبشر جاء إلى فلسطين ليتعلم من هذا المجتمع المميز والفريد؛ كلهم أتوا ليعظونا، ويحولونا إلى طوائفهم الخاصة بهم. لقد أدهشني دوما مقدار الصعوبة التي يظهر أن الأوروبيين والأميركيين يجدونها في التعلم من الثقافات الأخرى.
•إن دعوة \”الحرب على الإرهاب\”، بالنسبة لي، هي دعوة للتغطية على حرب أعمق: الحرب على المجتمعات. إن الفرضية التي تقول إن المرء يستطيع أن يفهم عالما آخر من خلال كلمات ومفاهيم هي إحدى خرافات العالم الحديث، حيث يعتقد أن المعرفة يمكن تجسيدها دوما في كلمات يمكن نقل المعرفة عن طريقها. وينطبق هذا على معرفة الغربيين عن الإسلام.
•في المحاضرة التي قدمتَها في ألمانيا، اقتبستَ بلا محددات وبطريقة وكأنك موافق، كلمات للإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني تعود إلى القرن الرابع عشر. ربما يجد المرء عذراً لمانويل الثاني لقوله ذلك، لكن هذا غير صحيح بالنسبة لك.
•إن الفشل في رؤية أربعة حروب دموية ووحشية ومدمرة في الوقت الراهن تشنها دول \”مسيحية\” و\”يهودية\” ضد الشعوب والمجتمعات الإسلامية، وبدلاً من ذلك، رؤية عبارة مليئة بالجهل والكراهية قالها إمبراطور قبل أكثر من 600 سنة هو أمر غير مفهوم.
•كذلك، فان الفشل في رؤية أن هناك احتلالاً عسكرياً إسرائيلياً طوال عقود عدة، وكيف تقوم إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي في الواقع بتجويع شعب بأكمله في غزة، وبدلاً من ذلك، تعيد عبارة قبيحة وخاطئة، يعني جر الكنيسة بعيدا عن هذا العالم وجعلها غير مرتبطة بأولئك الذين يعانون.
•الجرائم في غزة هي من صنع الدولة \”اليهودية\” بدعم كامل من دول \”مسيحية\”.
•خلال المائتي سنة الماضية، لم يكن ثمة دولة عربية أو إسلامية في المنطقة لم تتعرض للقصف؛ سواء من جانب جيوش \”مسيحية\” أم \”يهودية\”.
•عندما يتحدث الناس في الغرب عن \”الإرهاب\” و\”انعدام الأمن\” كما لو أنهما ظاهرة جديدة، فإنه من الواضح أنهم جاهلون تماما بمدى الإرهاب وانعدام الأمن اللذين تسببت بهما بلادهم لسكان خمس قارات على مدى خمسة قرون، وبلغ الإرهاب في أحيان إلى درجة محو حضارات بأكملها!
•ربما يكون لكلماتك صدى أكاديمي، بحيث لا تكون مؤذية لبعض السامعين، لكنها بالنسبة لنا ستترك أثراً مماثلاً لما فعله الصليبيون الأوائل. فقبل ألف سنة، تسبب أسلافك بالأذى الجسيم لوجودنا في المنطقة. واليوم يبدو أنك تفعل الشيء نفسه. وفي المستقبل غير البعيد، إذا قمت بزيارة للقدس، ربما تضطر إلى إحضار بعض المسيحيين معك إذا كنت مهتماً بوجود من يستمع إليك في الكنائس، لأن القدس ستكون فارغة من المسيحيين.
•عندما جاء المسلمون إلى القدس، لم يُقتل شخص واحد فيها، ولم يضطر أحد للتحول عن ديانته. وكما تقول كارين آرمسترونغ: \”حتى القرن العشرين كان الإسلام أكثر تسامحاً ومسالماً من المسيحية. فالقرآن يمنع بصرامة أي إكراه في الدين، ويعتبر كل الأديان مصدرها الله\”.
•النزاع الحقيقي عبر التاريخ كان بين الناس والمجتمعات من جهة، وأولئك الذين يريدون الهيمنة عليهم من جهة أخرى. ولعل الحديث عن صراع الحضارات أو حتى الحوار بين الحضارات ما هو إلا إلهاء عن المشكلة الحقيقية.
•كنت آمل أن يختار الفاتيكان طريقا معقولا، فالعالم بحاجة إلى أصوات تجلب له الاتزان، وليس إلى أصوات تدين الضحايا. كنت آمل أن أسمع صوتا مختلفا آتياً من مصدر مسيحي يدعو إلى إنهاء الحروب، وليس إلى تبريرها ومنح الدعم لإثارة مزيد من الحروب.
كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *