رجل الأمن والصحافي

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] عدنان نصا [/COLOR][/ALIGN]

لم تفلح نصائح الاب ولا الاخوة الكبار، في تبديد المخاوف والخوف من الشرطي والطبيب من نفوسنا قبل بلوغنا سن النضج والجرأة، رغم ان الاب والاخوة الكبار كانوا في وقت ما يشعرون بالخوف ذاته رغم بلوغهم سن الحكمة والرشد، غير انهم كانوا دائما في طليعة الذين يسدون لنا النصيحة مجانا رغم انها كانت في تلك الاوقات تواز \”جمل\”.
ولم ندرك نحن الصغار في حينها، ان ما يقوله الاب والاخوة الكبار، وربما الجيران مجرد محاولات تعزيز لثقتهم بانفسهم وتبديد الخوف من نفوسهم هم، وكبرنا نحن بعض السنوات وبقينا نخشى الشرطي والطبيب، بل تعدى الامر بان امهاتنا كن يخوفن اذا تأخرنا عن البيت ليلا، او اذا قصرنا بواجبنا المدرسي بانهن سيحكن للشرطي او الدكتور عن مشاغباتنا و\”غلبتنا\” فنتراجع من فورنا عن اي مشاغبة مفترضة، او مبيتة النية ونصطنع الهدوء، و\”نبوس التوبة\” مؤكدين عدم تكرار اي خروج عن النص او تأخير خارج البيت، ونتعهد باننا سنبقى على التزام تام بالهدوء والتقيد بتعليمات المنزل.
كبرنا; فجأة وصارت الطفولة وسنوات عدم النضج الجميلة من الماضي، واصبح اقراني وابناء الحارة في غالبيتهم في موقع المسؤولية، وتفنن بعضهم في هندمة شواربه، كدلالة على الرجولة (!)، باستثناء قلة منا لم تكترث بالشوارب ولم تعطيها اي اهمية تؤمن بدلالتها وانا واحد منهم بالاضافة لصديق مغترب حصل على موقع متقدم في البنتاغون الامريكي ..كبرنا; وتعمقت ثقافتنا وعدنا بذاكرتنا الى المربع الاول من اعمارنا وتذكرنا تفاصيل اخافتنا من الشرطي والدكتور، وضحكنا ضحكة طفلين معا بعد اكتشافنا ان الشرطي بزيه العسكري هو كائن حي ممتليء بالانسانية، والدكتور بمريولة الابيض كائن حي ممتليء بالدفء، وانهما (الشرطي والدكتور) يشكلان الاستقرار في نفوسنا اكثر من اخافتنا، فالشرطي معني بالامن الداخلي واستقراره، والدكتور بامننا الصحي وسلامته، وانهما ثنائية لا غنى عنهما رغم كل ما كان يروجه الاب والاخوة الكبار وجيران لنا في الحي ومحاولات تخويفنا منهما.
رجل الامن والصحافي; وبحكم التجربة الممتدة الى 18 سنة في العمل الصحافي; ثمة علاقة مبنية على الاحترام المتبادل، وعلاقة محكومة بالكثير.
من التفاصيل البناءة، الجديرة بتعزيز الاحترام ضمن اطار العلاقة خاصة في الظروف الصعبة التي تتطلب رفع منسوب الجاهزية الانسانية والوطنية، مع ضرورة الفصل بين الواجبين: واجب الامن كوظيفة تتابع ..وواجب الصحافة كمهنة تكشف المخبوء من الفساد وتسعى لوضع تفاصيل الاشياء على الملأ وامام الجميع بما فيهم اصحاب الشأن والقرار.
منذ زمن; والعلاقة بين الشرطي والاخر، او الدكتور والاخر، علاقة محفوفة بالمخاوف والخوف والتوجسات، غير ان التطور الذاتي والثقافي ومقتضيات السلامة الصحية بددت التوجسات من الدكتور.. وما انتجته المسلكية الانسانية والثقافية الوطنية والمعرفية والقانونية والدستورية ادت ايضا الى تبديد ارنب الخوف الذي كان ساكن فينا مذ كنا صغارا من الشرطي الذي كانت امهاتنا تخيفنا به.. انها علاقة وتدها الاحترام، وخيمتها وطن يستظل بظله الجميع .!!0
المشرق الإعلامي الأردنية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *