رابعة العدوية وكرة الثلج
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]
بداية يجب التأكيد على أن تجربة الإخوان في الحكم قد فشلت بغض النظر عن الحيثيات التي أفضت لذلك الفشل ، وما حدث في الثلاثين من يونيو هو نتيجة لهذا الفشل بلا شك ، وعلى الإخوان اليوم أن يدركوا أن الفشل مهما كان مريراً فهو بوابة الطامحين دوما للنجاح ، ومساراً حتمياً لاكتمال التطلعات .. وتوطئة مهمة لإعادة تكرار التجربة بشكل أفضل في المستقبل ، هذا ما يجب وما يفترض وما يلزم أن يدور في مخيلة الإخوان الآن .. لكن لا يقل قيمة عما يجب أن يدور في خلد المناوئين لهم في ذات الوقت ، إذ لا يجب أن يكون موقف الإخوان اليوم ورفضهم حتى اللحظة من التسليم بالواقع الجديد الذي فرضه بيان الثالث من يوليو مسوغاً لأن يدفع الشعب المصري وحده الثمن باعتبار أن المعتصمين الرافضين لهذا الواقع هم كذلك من الشعب المصري ، ومن الصعب على العقلاء في مصر أن يتعاموا عن رؤية تلك الكارثة المتوقعة فيما لو أصروا على منح الجيش ولو دافع بسيط فيه شبهة .. مجرد شبهة تعطيه كامل الصلاحية في التعامل مع الموقف ، ومن المعيب جداً التهوين من قدر الخسائر المحتملة حينما يحال الأمر برمته لبندقية الجيش ، ولكن الجيش حريص على ان لا يفعل ذلك الا مع الارهاب في سيناء ، إن من المؤكد جداً أن المحتشدين في ميدان رابعة العدوية وغيرها من الميادين ليسوا من الإخوان فقط بل يتبعهم الآلاف من عامة وبسطاء الشعب الذين قادتهم عاطفتهم الدينية المحضة .. وقادتهم خطب التهييج في منابر الجمع .. وقادهم كذلك حسن ظنهم بالمتحدثين عن الدين للتواجد دوما حيثما تتواجد تلك العوامل ، والظلم كل الظلم الذي لن يغفره المصريون بقية عمرهم – فيما لو حدث- أن يجدوا أنفسهم شركاء في معاقبة هؤلاء البسطاء بشكل جماعي لا لشيء إلا لأنهم تواجدوا في ميدان رابعة العدوية بين الإخوان الذين يصورون لهم أن المرحلة القائمة الآن هي مرحلة الفصل بين الحق والباطل .. وبين الكفر والإسلام .
المؤلم أن تعداد أولئك المنساقين وراء تلك الشعارات كثر .. والمؤلم بشكل أكبر أن الإعلام المصري لم يزل يهون ويقلل من تلك الأعداد كعادته يوم كان يقلل من أعداد الثوار في الخامس والعشرين من يناير إبان عهد الرئيس الأسبق مبارك ، وكم تمنيت أن يتعلم الإعلام المصري من ذلك الموقف التاريخي مع الثوار حينها ويسمو بالعمل الإعلامي إلى حيث يجب أن يكون .. مسؤولاً عن الجميع .. وعلى مسافة واحدة من الجميع .. وشاهداً ورقيباً على الجميع .. ينأى بنفسه عن لغة التشفي والردح من جهة.. وأساليب تصفية الحسابات والتشفي من جهة أخرى وأن يخففوا من حدة الانقسام الدائر بين الشعب الذي من مصلحته أن يبقى واحداً .. إعلاماً حراً محكوماً بالمهنية الصرفة .. والموضوعية النزيهة بغض النظر عن أي ميل أو هوى أو عاطفة . كنت أقول أن هذه الحشود أو الجزء الأكبر منهم ليسوا ممن ينتمون لجماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة إنما من عامة الناس الذين تحركهم عاطفة الدين المستخدمة بشكل ممجوج وانتهازي من قبل أحزاب الإسلام السياسي وفي مقدمتهم الإخوان طبعاً ، وتكمن شناعة الموقف الحالي أن الشارع لا يخلو ممن يسره أن يرفع الجيش بندقيته وآلاته في وجوه أولئك تحت الذريعة التي بسببها كان السيسي قد طلب من الشعب التفويض في التعامل معها ، وكل ما يتطلبه الأمر من قبل أولئك المتربصين أن يصنعوا تفجيراً هنا .. ويلقوا بقنبلة هناك، وهنا تبدأ كرة الثلج في التدحرج ويا عالم كيف ومتى تتوقف ؟ وعليه فمن العقل ألا يترك المصريون مجالاً لحلول غير حلول العقل ، وأولها تلك الحلول العسكرية التي بدأت تلوح بالأفق ، فالأزمة السياسية لا تحل مطلقاً بغير المنافذ السياسة ، وأول تلك المنافذ من وجهة نظري هو الحوار الجامع والشامل وغير المشروط بين جميع القوى السياسية بإرادة وطنية همها الأول هو الخروج من هذا النفق حتى وإن صاحب ذلك بعض الخسائر التي مهما عظمت وكبرت في عيون المعنيين بها فلن تبلغ مطلقاً عظمة وخطورة خسارة المصريين لأنفسهم وأمنهم وسلامة ووحدة أراضيهم .
[email protected]
twitter: @ad_alshihri
التصنيف: