رؤية .. شباب ..تحت البطانية !!

Avatar

>> قبل أيام التقيت مجموعة من الشباب ، وجدتهم يجهزون صورهم وأوراقهم في استديو للتصوير ، وسألتهم عن آمالهم القادمة ومستقبلهم – الوردي ..فقالوا وقد كانوا يتهيأون للتقدم إلى وظيفة جرى الإعلان عنها ، من تلك التي تطلب ثلاثمائة شاب ، فيتقدم عشرة آلاف ..قالوا لي : إن الأمل ضعيف ، ولكننا سنجرب ! .. وعندما سألتهم لماذا لم يكملوا الدراسة بعد الثانوية العامة ، تصدى إلي أحدهم بالإجابة وهو يرشقني بكلمات أشبه باللكمات – ربما من فرط غضبه – قائلاً : وما هي النتيجة ، ألا ترى الآلاف من خريجي الجامعات وهم متسدحون في بيوتهم ؟
إن مثل هذه الإشارات من الشباب والتي نسمعها هنا وهناك سواء في المجالس الخاصة
أو الأسواق ، أو على الرصيف ..تدل على خطر قادم يجب تفاديه ، بكل حذاقة ومسؤولية
وأمانة ..ففي كل بيت من بيوتنا تقريباً شاب وشابة أو أكثر ، بعضهم على مشارف الثانوية
، والبعض الآخر قد أنهاها ، أو هو من الطامحين للالتحاق بالجامعات، أو قد يكون غير مقبول
هنا ولا هناك ..لأن النسب العالية التي صارت تتمسك بها جامعاتنا ، والقائمين عليها صار
عقبة سوداء وكأداء أمام جحافل طويلة من أبنائنا ..وحالت بينهم وبين ما يشتهون ، فلم
يتم قبولهم بالجامعات ، وتحولوا إلى مجموعة من المنطرحين في دورهم ، يقضون سحابة
نهارهم تحت البطانية، وعند المساء يبدأ الواحد منهم يتمغط إلى ان ينشط ، ثم الله أعلم
أين يذهب ، وفيما يفكر ، وما هي أحواله النفسية ؟ .
>> الجامعات وهي تشترط نسبة درجات في حدود الـ .. % 90 تعرف أن الألوف المؤلفة ، هم دون هذا المستوى ، ولكن هذا لا يهمها ، هي تريد ان تشتغل على مزاجها ، ومن ليست هذه نسبته فليشرب من البحر ..ويبدو انها لم تسمع بأن التعليم حق مشروع لكل مواطن، فإذا لم تقبله جامعات بلاده فمن يقبل به طالبا غيرها، ثم الا يتذكر العديد من دكاترة الجامعات الآن ، كم كانت نسب دراجتهم هم عندما دخلوا الجامعة ، ام أن المسألة \” حلوة لي وحامضة عليك \” .. ثم ان من البديهي معرفة أن الناس إجمالا ، والطلاب خصوصا ليسوا كلهم ممتازين، فهناك الجيد جداً، والجيد، والمقبول ..فهل يصح ان يلتصق بجامعاتنا عرف جديد دون سائر العالم ، انها جامعات الطالب صاحب الممتاز فقط ؟
** إن إحباط الشباب بهذه الأبواب المغلقة في وجوههم أيما اتجهوا، وحيثما ساروا ، لن
تكون برداً وسلاماً على أفئدتهم ، بل انها تفتح أمامهم أبواب الشر ، عندما يجلسون الى
أنفسهم ، فيرون انهم بدون دراسة ، وبدون عمل ، وبدون مستقبل ..فماذا يمكن ان تنتظر
من شباب هذه هي أحوالهم ؟ ..هل تتوقع لهم ان يكونوا اسوياء ، وطبيعيين ، ويقبلون
بالأمر الواقع ..أم ان من الصواب ان نحتضنهم ، ونحبهم ، ونحتويهم ، ونسهل لهم الطريق
الى مستقبل مشرق ، يخدمون به انفسهم ووطنهم ، ويكونون لبنات صالحة في جدار
الوطن . ** إن ولي الأمر حفظه الله قد أعذر إلى الله ، عندما أعلن في أكثر من مناسبة
، دعوته للمسؤولين في الدولة ، ببذل كل الجهود لراحة ورفاه المواطن ..فنقل بذلك الأمانة
إلى أعناق المتنفذين والمخططين ، ممن يفترض ان يكونواالألصق بالميدان ، وان يكونوا قد اعدوا من المشاريع والبرامج والرؤى ، ما يجعل شبابنا بعيداً عن الاحباط ، وقريباً جدا من التفاؤل .. بحيث تتوفر المقاعد الدراسية لكل من يطلبها ، وتتوفر فرص العمل الكريم لكل شاب
ومواطن ، دونما تلكؤ أو تسويف أو ضبابية ..حيث أنه لا يصح أن نرى شباناً سعوديين عاطلين
عن العمل ، في بلد بترولي ينعم بالغنى ، ولا يصح أن تقف طوابير الطلاب والطالبات أمام مقاعد دراسة جامعية محدودة العدد ، يتم من خلالها انتقاء صاحب التقدير الممتاز وما حوله فقط ، في أسلوب انتقائي ونخبوي بغيض ، لا يراعي المردود النفسي السيئ ، لمن اغلقت في وجوههم الابواب وتم قذفهم الى الشارع .
>> وقد قلت في مقالات سابقة انه بقليل من التدبير والتأمل والواقعية، يمكن ان نوجد عشرات الألوف من فرص العمل لأولادنا وبناتنا .. انظر الى تعليم البنين والبنات ، والى تكدس الطلاب والطالبات بالفصول وبأعداد تفوق المعدلات الطبيعية ، وإذا سألت لماذا قالوا لا يوجد معلمين ومعلمات ، ولا ميزانية لفتح فصول جديدة ، فيما الأموال موجودة ، وبغزارة والحمد لله ..وطالبي الوظائف من الجنسين \” على قفا من يشيل \” .. فيا سبحان الله ، كيف تفهم هذه وتلك ؟ ..ثم انظر إذا شئت إلى العدد الضئيل جدا للممرضات والممرضين والأطباء والطبيبات السعوديين عندنا ، وانظر الى الحاجة الشديدة جداً ، إلى المزيد من المراكز الصحية والمستشفيات ..فيما كليات الطب محدودة ، وأيضاً القبول فيها بـ \” القطارة \” .
** في تقديري الشخصي أن مشاكل القبول بالجامعات، ومحو البطالة تظل من القضايا المحورية الآنية ، ولابد من مقابلتها بكل وعي وأمانة وحسن تخطيط ..وفي تقديري كذلك أن إمكاناتنا المادية والبشرية قادرة تماماً على الانتصار في هذه المعركة الشرسة ، التي تحتاج بكل أمانة إلى الإخلاص لها ، وان نسابق الزمن لحلها ، فقد تأخرنا كثيرا .
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *