[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إبراهيم مصطفى شلبي[/COLOR][/ALIGN]

عندما تصاب الذمم بغياب الوازع فإنها تنسلخ من كل قيمها وأعرافها فلا ترى أمامها إلا المصلحة الشخصية متبوعة بأهواء النفس الأمارة بالسوء والعياذ بالله عندما يسطو الموظف على المال العام وكأنه حق خاص ورثه عن آبائه وأجداده وعندما يستولي مسؤول ما على ما هو مؤتمن عليه من حقوق شركة أو قطاع ما ويضعه في مساهمة أو صفقة ما ولايكون مخولاً بذلك فإنه يكون قد أعطى لذمته إجازة مفتوحة وعندما يتجبر الزوج على زوجته سالباً كل حقوقها المالية ورواتبها مهدداً إياها بأبغض الحلال وبنزع حضانة أبنائها إن هي طالبت بهذه الحقوق فهو أيضاً من أصحاب الذمم الموبوءة.
أما الأدهى والأمر هو أن يكون الابتزاز دولياً كما حدث في فضيحة بعض أعضاء الإتحاد الدولي لكرة القدم اللذين تشوبهما تهمة رشوة وفساد مالي بعد أن طلبا مبالغ معينة مقابل الإدلاء بصوتيهما في ترشيح الدول المستضيفة لكأس العالم للدورتين القادمتين وهذا ماكشفته ووثقته صحيفة الصانداي تايمز بالصوت والصورة.
وفضيحة شبكة التأمين الصحي بأمريكا والتي تستغل شركات التأمين الصحي عن طريق مرضى وهميين ومستشفيات وهمية للاستفادة بملايين الدولارات دون وجه حق إن كل ماذكرت من صورهم أصحاب ذمم موبوءة بغياب الرادع.ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك نماذج مضيئة من النماذج التي وضعت تقوى الله نصب أعينها فتتحرى عدم الوقوع في الشبهات لأنها تعلم أن كل ما نبت من حرام فالنار أولى به هكذا علمها نبيها صلى الله عليه وسلم.
أعرف موظفاً في مركز قيادي فهو أول من يدون اسمه في دفتر الدوام وآخر من ينصرف وكان يتحرى ألا تمتد يده على كل ماهو ملك عام داخل إدارته حتى حبر قلمه الخاص يشتريه على نفقته وكان إذا ما تأخر عن دوامه بضع دقائق لظروف قاهرة كزحمة المرور وخلافها فإنه يدون مدة التأخير في مفكرته الخاصة بالوقت والتاريخ في كل مرة يتأخر فيها فإذا ما تكونت ساعة لديه فإنه يقسمها ويضربها في أجر يومه ويخرجها من راتبه ويضعها في شراء أي لوازم لإدارته كالأدوات المكتبية وأوراق الطباعة والأحبار وخلافها وموظف آخر عندما انتهت مدة خدمته وبعد أن قام باستلام مكافأة نهاية الخدمة اقتطع جزءاً من هذا المبلغ وطلب إدخاله إلى خزينة المؤسسة التي يعمل بها وبرر ذلك بمخافته من أن يكون قد قصر في عمله واقتطع أجزاءً من ساعات دوامه لإنجاز أمور شخصية أو أنه أساء استخدام المال العام من هاتف وأدوات طباعة وخلافها فكانت بادرة حسنة تأثر بها كل موظفي ذلك القطاع .هذان نموذجان وغيرهما كثيرون هم أصحاب الضمائر الحية التي تحرص بأن يكون مطعمها طيباً ومشربها طيباً وأموالها حلالاً طيباً ولا ازكيهما على الله والله يزكي من يشاء .فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك.
وقفة
كان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه» وفي رواية أنه قال: «لو لم تخرج إلا بروحي معها لأخرجتها».

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *