[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

في ذلك الدكان الصغير وفي ذلك السوق الطويل والمتعرج الواصل بين «برحة» باب المصري حتى «برحة» باب السلام «برواشين» بيوته الممتدة في العمر.. والمطلة على «الشارع» العجيب بتنوع المعروض فيه. فهذه دكاكين «القماشين».. وبجانبها – الصاغة – وبائعو الذهب.. وفي رأسه الشرقي صانعو وبائعو – العُقل.. المقصّبة.. وغيرها.. وفي رأسه الغربي بائعو العطارة.. والصيرفية.. والاحذية وفي وسطه ذلك المقهى الذي يُخدِّم على كل هذه «الدكاكين» اكثر من استقباله لرواد «المقاهي».
كان ذلك الرجل العجوز.. ينحني على ما أمامه وفي يده «مخراز» حاد الشفرة.. لا تسمع له صوتا.. شديد الهمس لمن بجانبه كثير الابتسام لمن يحادثه ما ان يستمع الى صوت المؤذن في المسجد النبوي الشريف.. حتى يقوم في هدوء ويضع كل ما في يده وفي دقائق تلفظ كل «الدكاكين» اصحابها الى خارجها فيضعون على مقدماتها قماشاً رقيقاً يعلن عن اداء الصلاة اكثر من ان يمنع أيادي السارقين او تصرفات العابثين.. او حتى شقاوة الأبرياء.
وذلك «الرجل» عندما يعود من «الصلاة» يجد امامه نفراً من طالبي عونه ومساعدته فكان يدس يده تحت فرشة صغيرة ويخرج بعض النقود.. في صمت ولا يلتفت الى من يحاول خداعه بالالتفاف مرة اخرى ليأخذ اكثر فيعطيه الرجل.
ذات مرة قال له أحدهم إنهم يخدعونك.. ابتسم في هدوء وهو يقول: ليكن.. أنا افعل ما أؤمن به وهم يفعلون ما يؤمنون به.. كأنه يمثل ذلك القول الجميل : «عامل الناس بأخلاقك لا تعاملهم بأخلاقهم».وذلك غاية السمو والارتفاع الذي ينم عن نظافة معدن وعلو خلق نادر.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *