د. يماني طلبها منذ ربع قرن

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

ربع قرن مضى على تنبهه لما ستواجهه أمتنا من تحديات، وقد بدأت دولتنا الفتية مشوار التنمية والتصنيع لتواكب متطلبات العصر، وربع قرن مضى على استعانتنا بالخبرة والعمالة الأجنبية من بلدان غريبة عنا بثقافتها وأسلوب حياتها. وربع قرن مضى على تبدل أسلوب حياتنا ومعيشتنا، فانتقلنا من بيت العائلة إلى مساكن مستقلة لكل فرد من أفراد أسرتنا، وما رافق ذلك – عند الطبقة المتوسطة منا وما فوقها – من استعانة بالعمالة المنزلية، من سائق أو أكثر، وخادمة أو أكثر، وطباخة ومربيات بعدد الأطفال، بحيث نجد عدد العاملين في البيت الواحد وقد تجاوز عددهم بكثير عدد أفراد الأسرة إذا ما كان السكن في فيلا مستقلة ولها حديقتها التي تتطلب أكثر من حارس ومزارع، وحتى من هم دون الطبقة المتوسطة من أفراد مجتمعنا لا يستغنون اليوم عن خادمة وسائق. ترتب على ذلك أن تعددت اللغات واللهجات داخل البيت الواحد، وأخذ الأطفال يتلعثمون بلغتهم العربية ويتحدثون بطلاقة لغة مربيتهم الوافدة، ويكتسبون منها الكثير من العادات والتقاليد، مما تسبب في تفكك الأسرة، وبُعْد أطفالها عن عادات وتقاليد مجتمعنا الذي أكرمه الله بأن ينتسب إلى أكثر البلدان قدسية في العالم حيث بيت الله الحرام الذي يستضيف ضيوف الرحمن القادمين من كافة الأمصار والبلدان لأداء مناسك الحج والعمرة، وزيارة بيت رسوله الكريم في المدينة المنورة.
وربع قرن مضى على هذا التحول في أسلوب معيشتنا شهدنا في سنواته الأخيرة طفرة الاتصالات وعالم الإنترنت الذي أخذ من أغلبيتنا معظم الوقت وأصبح مرجعهم في طلب المعلومة لطلبة العلم، وتسليتهم لمن استهوتهم متع الاتصالات المفيدة وغير المفيدة، ونجم عن ذلك افتقار معظم أفراد جيل اليوم إلى ما عرف عن أمة هذه الديار من أخلاق وعادات وتقاليد يقصدها المسلمون من أقاصي الدنيا لاقتباسها والتحلي بها، وهذا ما سهل على أعداء المحبة والسلام اختراق شبابنا وإبعاده عن مكارم الأخلاق التي تحلى بها رسولنا الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، ومكنهم من زرع أفكار غريبة على العقيدة عند البعض من شبابنا تحت مسميات لها قدسيتها وأهميتها كالجهاد وهم يقتلون الأبرياء ويشيعون الفوضى والفساد وعدم الاستقرار في الأوطان، وإدعاء النصيحة وهم يكفرون من ليسوا على نهجهم وفكرهم.
وربع قرن مضى وصلنا في نهايته إلى ما نحن عليه اليوم من هجمة على عقيدتنا وأمتنا، ويواجه من يضطر منا إلى السفر خارج وطنه لكثير من المهانة وهو يستجدي تأشيرة الدخول إلى البلد الذي يقصده لكونه متهما بالإرهاب حتى تثبت براءته، وقبلها كان جواز سفره الأخضر يفتح له الأبواب وتفرش له البسط الحمراء.
نعم، مضى ربع قرن على ما نبه إليه شيخنا ومفكرنا معالي الدكتور محمد عبده يماني رحمه الله عندما أصدر كتابه \” علموا أولادكم محبة رسول الله\”، ومن أفضل من رسولنا الكريم هاديا ومرشدا ومعلما ومؤدبا وقد كان خلقه القرآن، وأدبه ربه فأحسن تأديبه، وأرسله رحمة للعالمين.أعود لمطالعة كتابه من جديد، وأنا أترحم على من خطه بكل الحب ، على الفقيد الغالي معالي الدكتور محمد عبده يماني الذي شهد له كل من عرفه وحضر مجلسه بأنه العاشق لرسول المحبة، والداعي إلى حب الإنسان لأخيه الإنسان بالتحلي بأخلاق رسولنا الكريم، والمعلق الآمال على الجيل الجديد ليحمل الأمانة ويؤدي الرسالة، والعزاء مشترك، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
مدريد

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *